responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي    الجزء : 1  صفحة : 143

أقول: في هذا الحديث أسرار غريبة، الأوّل إطاعة الوحوش لهم عيانا و سماعا، و الثاني إخباره أنه لم يغب عنهم و أنه يشهد سائر أوليائه لأن الإمام مع الخلق كلّهم لم يغب عنهم، و لم يحتجبوا عنه طرفة عين، و لكن أبصارهم محجوبة عن النظر إليه، و إن الدنيا بين يدي الإمام كالدرهم بين يدي الرجل يقلّبه كيف شاء، و الثالث أنه أنكر عليه و قال: أ تراني لم أشهدكم؟ حيث إنه حسب أن الحجّة لا يشهد لمحجوج عليه بعد أن يثبت أنهم عين اللّه الناظرة في عباده، و يده المبسوطة بالفضل في بلاده، و لسانه المترجم عنه، و أن قلوب الأولياء مكان مشيئة اللّه و خزائن أسراره و باب حكمته.

و من ذلك ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إن المعلى بن خنيس ينال درجتنا، و إن المدينة من قابل يليها داود بن عروة، و يستدعيه و يأمره أن يكتب له أسماء شيعتنا فيأبى فيقتله و يصلبه، فينال بذلك درجتنا، فلمّا ولي داود المدينة من قابل أحضر المعلّى و سأله عن الشيعة فقال: أعرفهم، فقال: اكتبهم لي و إلّا ضربت عنقك، فقال: بالقتل تهدّدني و اللّه لو كانوا تحت قدمي ما رفعتها عنهم، فأمر بضرب عنقه و صلبه، فلمّا دخل عليه الصادق (عليه السلام) قال: يا داود قتلت مولاي و وكيلي، و ما كفاك القتل حتى صلبته، و اللّه لأدعون اللّه عليك كما قتله، فقال له داود: أ تهدّدني بدعائك؟ ادع اللّه لك فإذا استجاب لك فادعه عليّ، فخرج أبو عبد اللّه (عليه السلام) مغضبا، فلما جن الليل اغتسل و استقبل القبلة، ثم قال: يا ذا يا ذي يا ذوا إرم داود سهما من سهام قهرك تبلبل به قلبه، ثم قال لغلامه: اخرج و اسمع الصائح. فجاء الخبر أن داود قد هلك، فخرّ الإمام ساجدا و قال: إنّه لقد دعوت اللّه عليه بثلاث كلمات لو قسمت على أهل الأرض لزلزلت بمن عليها [1].

و من كراماته (عليه السلام): أن المنصور يوما دعاه، فركب معه إلى بعض النواحي، فجلس المنصور على تلال هناك و إلى جانبه أبو عبد اللّه، فجاء رجل و همّ أن يسأل المنصور ثم أعرض عنه، و سأل الصادق (عليه السلام) فحثى له من رمل هناك مل‌ء يديه ثلاث مرّات، فقال: اذهب و أغل، فقال له بعض حاشية المنصور: خرجت عن الملك و سألت فقيرا لا يملك شيئا، فقال الرجل و قد عرق وجهه خجلا ممّا أعطاه: إنّي سألت من أنا واثق بعطائه، ثم جاء بالتراب إلى بيته،


[1] بحار الأنوار: 47/ 181 ح 27 و تصويب العبارة منه.

اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست