اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 105
و منه أن للّه عبادا أطاعوه فيما أراد فأطاعهم فيما أرادوا يقولون للشيء كن فيكون [1].
و ذلك لأن الكل عباد اللّه فإذا اختار اللّه عبدا ألبسه خلعة التفضيل، و نادى له في الممالك بالتصرّف و التبجيل، و جعل له الولاية المطلقة فصار عبدا لحضرته و خالصا لولايته، و مولى لعباده و بريته و واليا في مملكته، و هو المتصرّف الوالي بإذن الربّ المتعالي، و لهذا قالوا:
جنبونا آلهة تعبد، و اجعلوا لنا ربّا نئوب إليه، و قولوا فينا ما استطعتم [2] و ذاك كما قيل:
جنبوهم قول الغلاة و قولوا * * * ما استطعتم في فضلهم أن تقولوا
فإذا عدت سماء مع الأرض * * * إلى فضلهم فذاك قليل
و عنهم (عليهم السلام)، أنّهم قالوا: كونوا لنا زينا، و لا تكونوا علينا شينا [3]، فانّه ليس بين اللّه و بين أحد من خلقه قرابة. ألا من ائتم بإمام فليعمل بعمله، فما معنا براءة من النار، و ليس لنا على اللّه من حجّة فاحذروا المعصية لنا و المغالاة فينا، فإنّ الغلاة شرّ خلق اللّه يصغرون عظمة اللّه و يدعون الربوبية لعباد اللّه، و اللّه إن الغلاة شرّ من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا، و إلينا يرجع الغالي فلا نقبله لأن الغالي اعتاد ترك الصلاة و الزكاة و الصوم، فلا يقدر على ترك عادته و بنا يلحق المقصر فنقبله لأنّ المقصّر إذا عرف عمل.
و عنهم (عليهم السلام) أنّهم قالوا: نزّهونا عن الربوبية و ارفعوا عنّا حظوظ البشرية [4]- يعني الحظوظ التي تجوز عليكم- فلا يقاس بنا أحد من الناس [5]، فإنّا نحسن الأسرار الإلهية المودعة في الهياكل البشرية، و الكلمة الربّانية الناطقة في الأجساد الترابية، و قولوا بعد ذاك ما استطعتم فانّ البحر لا ينزف، و عظمة اللّه لا توصف.
فيا أيّها الواقف بين جدران التقليد، تنظر إلى الحق من بعيد، أ ما بلغك أن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) حنّ الجذع اليابس إليه، و قبّل البعير قدميه، و انشق لعظمته القمر و نبع الماء الطاهر من بين يديه