نوّر بمصابيح الدراية قلوبهم، لينقذهم من حيرة الجهالة و شرح بأنوار الهداية صدورهم، خلاصاً لهم من حومة الضلالة، أنزل الكتاب فيه تبيان كل شيء و تميز الرشد من الغيّ، تفضل بإرسال الرسل و إيضاح السبل، كي لا يضل بهم الطرق عن مدارك معرفته، و بيّن الآيات و نصب البينات، حتّى لا يعذر أحد في ترك طاعته لم يعتور أمره التباس و لم يغير حكمه قياس.
نحمده حمداً يليق بكبريائه و نشكره شكرا يستوجب المزيد بعد المزيد من آلائه و نقر بتوحيده [1] إقراراً ينفعنا يوم لقائه و نشهد أن لا إله إلّا اللّٰه و نشهد أن محمداً رسول الأمي، الذي أتى بكتاب عجز عن نيل مبانيه مصاقع الفصحاء و حار دون إدراك معانيه أقلام العلماء التهامي، الذي شرف كل غور و نجد المكي، الذي منه فاض على الآفاق، كل فضل و مجد الآخر الذي مدّ الأولون عين الرجاء إلى شفاعته الخاتم، الذي لم يخرج من حلقة الذل من لم يتحل بفص طاعته.
أرسله رحمة للعالمين و هداية للخلق أجمعين و مؤسساً للملة السمحاء و مورداً إلى الشريعة البيضاء فقام بأعباء الرسالة، حتّى تجدد ذكر المعارف الوحيدية، غب طموسها و انكشف بيان السرائر الإلهية، بعد دروسها و كان إتمام الدين و إكمال النعمة أن نصب للخلق باب مدينة العلم هادياً إلى ثواب الأعمال و عقابها و كاشفاً عن الأمة غياهب ارتيابها و آله الهداة المرضيين، أئمة للعباد و حفظة للأحكام إلى يوم التناد.
اللهمّ فصلّ عليه و آله البررة الأخيار، الذين من أجمع على متابعتهم