اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام المؤلف : الفاضل الكاظمي الجزء : 4 صفحة : 208
عليه قوله «إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» و المراد أنّه يسقط عقابه عن المعصية فلا يعذّبه في الآخرة بها أمّا العذاب في الدّنيا يعنى القطع فظاهر المبسوط أيضا لعموم فمن تاب الآية فإنّ ظاهرها عدم تعذيبه بعد التّوبة و لا شكّ أنّ قطع اليد تعذيب فعلى هذا متى تاب السّارق قبل قيام البيّنة عليه سقط عنه القطع و وجب عليه ردّ السّرقة و لا خلاف في ذلك بين أصحابنا أمّا لو كانت التّوبة بعد قيام البيّنة فليس للإمام العفو بل يتعيّن عليه إقامة الحدّ. و لو تاب بعد إقراره مرّتين بالسّرقة عند الحاكم فانّ بين أصحابنا في سقوط القطع هنا اختلافا.
و قال الشّيخ في النهاية: يجوز للإمام العفو عنه في هذه الصّورة إذا كان العفو أردع في الحال، فاما ردّ السّرقة فإنّه يجب على كلّ حال و أنكره ابن إدريس و منع من العفو هنا لما فيه من تعطيل حدود اللّه قال: و حمله على الإقرار بالزّنا الموجب للرّجم قياس لا نقول به و اختار العلّامة في المختلف الأوّل و حكم بانّ العفو هنا ليس من باب القياس بل من طريق الأولويّة فإنّ التّوبة إذا سقطت تحتم أعظم الذنبين أسقطت تحتّم أضعفهما بطريق أولى.
و يؤيّده ما روى [1] عن بعض الصّادقين (عليهم السلام) قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأقرّ بالسّرقة فقال له علىّ (عليه السلام): أ تقرأ شيئا من كتاب اللّه؟- قال نعم سورة البقرة قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة. فقال الأشعث: أ تعطل حدّا من حدود اللّه؟ فقال: و ما يدريك؟ إذا قامت البيّنة فليس للإمام أن يعفو لقوله «وَ الْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اللّٰهِ» و إذا أقرّ الرّجل على نفسه فذاك إلى الامام إن شاء عفى و إن شاء قطع. و أكثر العامة على عدم العفو و تعيّن القطع مطلقا.
[1] انظر التهذيب: ج 10، ص 129، الرقم 516. و الاستبصار: ج 4، ص 252 الرقم 955. و الفقيه: ج 4، ص 44، الرقم 148.
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام المؤلف : الفاضل الكاظمي الجزء : 4 صفحة : 208