بالالتزام بها، و وعدتهم بتأليف رسالة في ذلك، حائزة لها، جامعة لشتاتها، و كانت التشاويش العامة في البلاد مانعة من الاشتغال بالمطالب المحتاجة إلى فضل نظر، رأيت أن أوفي بالوعد، ليسهل الأمر على من أحب الكمال، و طلب درك مصالح الأعمال، و التحرّز من مفاسدها، مجتزئا في ذلك بالميسور، اتباعا للخبر المأثور، لوضوح تعذّر الاستيفاء، معبّرا غالبا بعبائر الاخبار، سيما في حكم الاعمال، و سميّته بـ:
(مرآة الكمال لمن رام درك مصالح الأعمال) .
راجيا من الكريم ذي الجلال أن يوفقّني للاتمام و الإكمال، و ينفعني بها يوم لا ينفع بنون و لا مال، أنه هو القادر المتعال.
و قبل الأخذ في المقصود فأعلم:
{·1-42-1·}أن من الواضح أن اللّه سبحانه عز و جلّ غنيّ على الاطلاق، لا تنفعه اطاعة المطيعين، و لا يضره عصيان العاصين، و أن إرسال الرسل، و نصب الأولياء من باب اللطف و الرحمة و الرأفة؛ إنما هو لارشاد العباد إلى ما فيه مصالح دنياهم و آخرتهم و مفاسدهما، ليجتنبوا ما فيه مفسدة، و لا تفوتهم مصلحة ذوات المصالح، و أن السنن كالواجبات متضمّنة لمصالح كامنة، غايته عدم وصول المصلحة إلى حدّ الالزام، الموجب لترتب العقاب على الترك، و كذا المكروهات ذوات مفاسد، نهايته عدم وصول المفسدة إلى حدّ التحريم، المورث لاستحقاق العقاب بفعله، و أنّ العاقل الكيّس ينبغي له المبادرة في الدنيا-التي هي مزرعة الآخرة-إلى تحصيل أنواع المثوبات الاخروية، و جلب الفوائد الدنيوية، و التحرّز من الحزازات و مقلاّت الأجر و الثواب، و مورثات المفاسد الدنيوية، المبيّن كل ذلك على لسان أهل الوحي، الّذين لا ينطقون عن الهوى، فلا تستحقرنّ-أيها