اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 8 صفحة : 718
(1) - الخبر كأنه اصطفى البنات فيما يقولون كقوله ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْكَرِيمُ أي عند نفسك و فيما كنت تقوله و تذهب إليه و يجوز أن يكون «أَصْطَفَى اَلْبَنََاتِ» بدلا من قوله «وَلَدَ اَللََّهُ» لأن ولادة البنات و اتخاذهن اصطفاؤهن فيصير «أَصْطَفَى» بدلا من المثال الماضي كما كان قوله يُضََاعَفْ لَهُ اَلْعَذََابُ بدلا من قوله يَلْقَ أَثََاماً و يجوز أن يكون «أَصْطَفَى اَلْبَنََاتِ» تفسيرا لكذبهم في قوله «وَ إِنَّهُمْ لَكََاذِبُونَ» كما أن قوله لَهُمْ مَغْفِرَةٌ تفسير للوعد و يجوز أن يكون متعلقا بالقول على أنه أريد حرف العطف فلم يذكر و استغني بما في الجملة الثانية من الاتصال بالأولى عن حرف العطف كقوله سَيَقُولُونَ ثَلاََثَةٌ رََابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ و نحو ذلك.
المعنى
ثم عاد الكلام إلى الرد على مشركي العرب فقال سبحانه «فَاسْتَفْتِهِمْ» أي سلهم و اطلب الحكم منهم في هذه القصة «أَ لِرَبِّكَ اَلْبَنََاتُ وَ لَهُمُ اَلْبَنُونَ» أي كيف أضفتم البنات إلى الله تعالى و اخترتم لأنفسكم البنين و كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله على وجه الاصطفاء لا على وجه الولادة} «أَمْ خَلَقْنَا اَلْمَلاََئِكَةَ إِنََاثاً» معناه بل خلقنا الملائكة إناثا «وَ هُمْ شََاهِدُونَ» أي حاضرون خلقنا إياهم أي كيف جعلوهم إناثا و لم يشهدوا خلقهم ثم أخبر عن كذبهم فقال}} «أَلاََ إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ` وَلَدَ اَللََّهُ» حين زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى «وَ إِنَّهُمْ لَكََاذِبُونَ» في قولهم} «أَصْطَفَى اَلْبَنََاتِ عَلَى اَلْبَنِينَ» دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل فسقطت همزة الوصل و مثله قول ذي الرمة :
استحدث الركب من أشياعهم خبرا # أم راجع القلب من أطرابه طرب
و المعنى كيف يختار الله سبحانه الأدون على الأعلى مع كونه مالكا حكيما ثم وبخهم فقال} «مََا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» لله بالبنات و لأنفسكم بالبنين} «أَ فَلاََ تَذَكَّرُونَ» أي أ فلا تتعظون فتنتهون عن مثل هذا القول} «أَمْ لَكُمْ سُلْطََانٌ مُبِينٌ» أي حجة بينة على ما تقولون و تدعون و هذا كله إنكار في صورة الاستفهام} «فَأْتُوا بِكِتََابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ» المعنى فأتوا بكتابكم الذي لكم فيه الحجة «إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ» في قولكم و المراد أنه دليل لكم على ما تقولونه من جهة العقل لا من جهة السمع} «وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلْجِنَّةِ نَسَباً» اختلف في معناه على أقوال (أحدها) أن المراد به قول الزنادقة إن الله و إبليس إخوان و أن الله تعالى خلق النور و الخير و الحيوان النافع و إبليس خلق الظلمة و الشر و الحيوان الضار عن الكلبي و عطية (و ثانيها) أنه قول المشركين إن الملائكة بنات الله و سمي الملائكة جنة لاستتارهم عن العيون عن مجاهد و قتادة و الجبائي (و ثالثها) أنهم قالوا صاهر الله الجن فحدثت الملائكة تعالى الله عن قولهم (و رابعها) أنهم أشركوا الشيطان في عبادة الله تعالى فذلك هو النسب الذي جعلوه
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 8 صفحة : 718