اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 268
(1) - نفس الكلام الذي هو جملة تحكي فكذلك نصب سلاما في قوله «قََالُوا سَلاََماً» لما كان معنى ما قيل و لم يكن نفس المقول بعينه فأما قوله وَ إِذََا خََاطَبَهُمُ اَلْجََاهِلُونَ قََالُوا سَلاََماً قال سيبويه زعم أبو الخطاب أن مثله يريد قولك سبحان الله الذي تفسيره براءة الله من السوء و قولك للرجل سلاما تريد مسلما منك لا أبتلي بشيء من أمرك فعلى هذا المعنى وجه ما في الآية قال و زعم أن قول أمية :
سلامك ربنا في كل فجر # بريئا ما يعيبك الذموم
ـعلى قوله براءتك ربنا من كل سوء و أما قوله «قََالَ سَلاََمٌ» فسلام مرفوع لأنه من جملة الجملة المحكية و التقدير فيه سلام عليكم فحذف الخبر كما حذف من قوله فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أي صبر جميل أمثل أو يكون المعنى أمري سلام و شأني سلام كما أن قوله فَصَبْرٌ جَمِيلٌ يصلح أن يكون المحذوف منه المبتدأ و مثل ذلك قوله فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلاََمٌ على حذف المبتدأ الذي سلام خبره و أكثر ما يستعمل سلام بغير ألف و لام و ذلك لأنه في معنى الدعاء فهو مثل قولهم خير بين يديك و لما كان في معنى المنصوب أستجير فيه الابتداء بالنكرة فمن ذلك قوله قََالَ سَلاََمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي و قال وَ اَلْمَلاََئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بََابٍ ` سَلاََمٌ عَلَيْكُمْ و قال سَلاََمٌ عَلىََ نُوحٍ فِي اَلْعََالَمِينَسَلاََمٌ عَلىََ إِبْرََاهِيمَ و سَلاََمٌ عَلىََ عِبََادِهِ اَلَّذِينَ اِصْطَفىََ و قد جاء بالألف و اللام قال سبحانه وَ اَلسَّلاََمُ عَلىََ مَنِ اِتَّبَعَ اَلْهُدىََوَ اَلسَّلاََمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ و زعم أبو الحسن أن في العرب من يقول سلام عليكم و منهم من يقول السلام عليكم فالذين ألحقوا الألف و اللام حملوه على المعهود و الذين لم يلحقوه حملوه على غير المعهود و زعم أن منهم من يقول سلام عليكم فلا ينون و حمل ذلك على وجهين (أحدهما) أنه حذف الزيادة من الكلمة كما يحذف الأصل من نحو قولك لم يك و لا أدر و يوم يأت (و الآخر) أنه لما كثر استعمال هذه الكلمة و فيه الألف و اللام حذفا منه لكثرة الاستعمال كما حذفا من اللهم فقالوا:
لا هم إن عامر الفجور # قد حبس الخيل على يعمور
و أما من قال سلم فإن سلما يحتمل أمرين (أحدهما) أن يكون بمعنى سلام فيكون المعنى أمرنا سلم أو سلم عليكم و يكون سلم في الآية بمعنى سلام كقولهم حل و حلال و حرم و حرام فيكون على هذا قراءة من قرأ «سَلاََمٌ» و سلم بمعنى واحد و إن اختلف اللفظان (و الآخر) أن يكون سلم خلاف العدو و الحرب لأنهم لما كفوا عن تناول ما قدمه إليهم فنكرهم و أوجس الخيفة منهم قال أنا سلم و لست بحرب و لا
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 268