اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 229
(1) - من لا يستطيع السمع و إن أبصارهم لم تنفعهم مع إعراضهم عن تدبر الآيات فكأنهم لم يبصروا و مما يجري هذا المجرى قول الأعشى :
ودع هريرة إن الركب مرتحل # و هل تطيق وداعا أيها الرجل
و قد علمنا أن الأعشى كان يقدر على الوداع و إنما نفى الطاعة عن نفسه من حيث الكراهية و الاستثقال (و ثالثها) أنه إنما عنى بذلك آلهتهم و أوثانهم و تقدير الكلام أولئك الكفار و آلهتهم لم يكونوا معجزين في الأرض يضاعف لهم العذاب و قال مخبرا عن الآلهة «مََا كََانُوا يَسْتَطِيعُونَ اَلسَّمْعَ وَ مََا كََانُوا يُبْصِرُونَ» و روي ذلك عن ابن عباس و فيه أدنى بعد (و رابعها) أن ما هنا ليست للنفي بل تجري مجرى قولهم لأواصلنك ما لاح نجم و المعنى أنهم معذبون ما داموا أحياء} «أُولََئِكَ اَلَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» من حيث فعلوا ما استحقوا به العقاب فهلكوا فذلك خسران أنفسهم و خسران النفس أعظم الخسران لأنه ليس عنها عوض «وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مََا كََانُوا يَفْتَرُونَ» مضى بيانه مرارا} «لاََ جَرَمَ» قال الزجاج لا نفي لما ظنوا أنه ينفعهم كان المعنى لا ينفعهم ذلك جرم «أَنَّهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ هُمُ اَلْأَخْسَرُونَ» أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران و قال غيره معناه لا بد و لا محالة أنهم و قيل معناه حقا و يستعمل في أمر يقطع عليه و لا يرتاب فيه أي لا شك أن هؤلاء الكفار هم أخسر الناس في الآخرة.
النظم
اتصلت الآية الأولى بقوله قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ و المراد أنهم إذا لم يأتوا بذلك فقل لهم أ فمن كان على بينة كمن لا يكون معه بينة و قيل اتصلت بقوله مَنْ كََانَ يُرِيدُ اَلْحَيََاةَ اَلدُّنْيََا أي من كان مجتهدا في الدين كمن كان همه الحياة الدنيا و زينتها و وجه اتصال الآية الثانية و هي قوله «وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرىََ عَلَى اَللََّهِ كَذِباً» أنه سبحانه أراد أن يبين حال العاقل و الغافل فكأنهم قالوا و ما يضرنا أن لا نعرف ذلك فأجيبوا بأن من لا يعرف الله لا يأمن أن يكذب على الله و من أظلم ممن كذب على الله.
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 229