اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 195
(1) - و على هذا فيكون قوله «رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلىََ أَمْوََالِهِمْ وَ اُشْدُدْ عَلىََ قُلُوبِهِمْ» اعتراضا و أما الجزم فيكون على وجه الدعاء عليهم و تقديره فلا آمنوا و مثله قول الأعشى :
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى # و لا تلقني إلا و أنفك راغم
المعنى
«وَ أَوْحَيْنََا إِلىََ مُوسىََ وَ أَخِيهِ» أي أمرناهما «أَنْ تَبَوَّءََا لِقَوْمِكُمََا بِمِصْرَ بُيُوتاً» أي اتخذا لمن آمن بكما بمصر يعني البلدة المعروفة بيوتا تسكنونها و تأوون إليها «وَ اِجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً» اختلف في ذلك فقيل لما دخل موسى مصر بعد ما أهلك الله فرعون أمروا باتخاذ مساجد يذكر فيها اسم الله تعالى و أن يجعلوا مساجدهم نحو القبلة أي الكعبة و كانت قبلتهم إلى الكعبة عن الحسن و نظيره فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللََّهُ أَنْ تُرْفَعَ الآية و قيل أن فرعون أمر بتخريب مساجد بني إسرائيل و منعهم من الصلاة فأمروا أن يتخذوا مساجد في بيوتهم يصلون فيها خوفا من فرعون و ذلك قوله «وَ اِجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً» أي صلوا في بيوتكم لتأمنوا من الخوف عن ابن عباس و مجاهد و السدي و غيرهم و قيل معناه اجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضا عن سعيد بن جبير «وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاََةَ» أي أديموها و واظبوا على فعلها «وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ» بالجنة و ما وعد الله تعالى من الثواب و أنواع النعيم و الخطاب لموسى (ع) عن أبي مسلم و قيل الخطاب لمحمد ص } «وَ قََالَ مُوسىََ رَبَّنََا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ» أي أعطيت فرعون و قومه «زِينَةً» يتزينون بها من الحلي و الثياب و قيل الزينة الجمال و صحة البدن و طول القامة و حسن الصورة «وَ أَمْوََالاً» يتعظمون بها «فِي اَلْحَيََاةِ اَلدُّنْيََا» و إنما أعطاهم الله تعالى ذلك للإنعام عليهم مع تعريه من وجود الاستفساد «رَبَّنََا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ» اللام للعاقبة و المعنى و عاقبة أمرهم أنهم يضلون عن سبيلك و لا يجوز أن يكون لام الغرض لأنا قد علمنا بالأدلة الواضحة أن الله سبحانه لا يبعث الرسول ليأمر الخلق بالضلال و لا يريد أيضا منهم الضلال و كذلك لا يؤتيهم المال ليضلوا و قيل معناه لئلا يضلوا عن سبيلك فحذفت لا كقوله شَهِدْنََا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيََامَةِ أي لئلا تقولوا و حذف ذلك لدلالة العقل عليه و قيل أنه لام الدعاء و المعنى ابتلهم بالبقاء على ما هم عليه من الضلال و إنما قال ذلك لعلمه بأنهم لا يؤمنون من طريق الوحي و فائدته إظهار التبرؤ منهم كما يلعن إبليس و يدل عليه أنه أعاد قوله «رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلىََ أَمْوََالِهِمْ» فدل ذلك على أنه أراد به الدعاء عليهم و المراد بالطمس على الأموال تغييرها عن جهتها إلى جهة لا ينتفع بها قال مجاهد و قتادة و عامة أهل التفسير صارت جميع أموالهم حجارة حتى السكر و الفانيذ
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 195