اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 183
(1) -
اللغة
الفرق بين الجعل و الفعل إن جعل الشيء يكون بإحداث غيره كجعل الطين خزفا و لا يكون فعله إلا بإحداثه و الفرق بين الجعل و التغيير إن تغيير الشيء لا يكون إلا بتصييره على خلاف ما كان و جعله يكون بتصييره على مثل ما كان كجعل الإنسان نفسه ساكنا على استدامة الحال و إنما قال «وَ اَلنَّهََارَ مُبْصِراً» و إنما يبصر فيه تشبيها و مجازا و استعارة في صفة الشيء بسببه على وجه المبالغة كما يقال سر كاتم و ليل نائم و مثله قول جرير :
لقد لمتنا أم غيلان في السري # و نمت و ما ليل المطي بنائم
و قال رؤبة :
"قد نام ليلي و تجلى همي".
المعنى
لما سلى الله سبحانه نبيه ص بقوله «وَ لاََ يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ» فإنهم لا يفوتونني بين بعد ذلك ما يدل على صحته فقال «أَلاََ إِنَّ لِلََّهِ مَنْ فِي اَلسَّمََاوََاتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ» يعني العقلاء و إذا كان له ملك العقلاء فما عداهم تابع لهم و إنما خص العقلاء تفخيما «وَ مََا يَتَّبِعُ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللََّهِ شُرَكََاءَ» يحتمل ما هاهنا وجهين (أحدهما) أن يكون بمعنى أي شيء فكأنه قال و أي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء تقبيحا لفعلهم (و الآخر) أن يكون نافية أي و ما يتبعون شركاء في الحقيقة و يحتمل وجها ثالثا و هو أن يكون ما بمعنى الذي و يكون منصوبا بالعطف على من و يكون التقدير و الذي يتبع الأصنام الذين يدعونهم من دون الله شركاء فحذف العائد من الصلة و شركاء حال من ذلك المحذوف و إن جعلت ما نفيا فقوله «شُرَكََاءَ» ينتصب بيدعونه و العائد إلى الذين الواو في يدعون و يكون قوله «إِنْ يَتَّبِعُونَ» مكررا لطول الكلام و تقف في هذا القول على قوله «وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ» و في ذلك القول على قوله «شُرَكََاءَ»«إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ» أي ليس يتبعون في اتخاذهم مع الله شركاء إلا الظن لتقليدهم أسلافهم في ذلك أو لشبهة دخلت عليهم بأنهم
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 183