اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 136
(1) -
الإعراب
جميعا نصب على الحال «وَعْدَ اَللََّهِ» منصوب على المصدر لأن قوله «إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ» معناه الوعد بالرجوع و حقا منصوب على أحق ذلك حقا عن الزجاج و أضيف المصدر في قوله «وَعْدَ اَللََّهِ» إلي الفاعل لما لم يذكر الفعل كما في قول كعب بن زهير :
تسعى الوشاة جنابيها و قيلهم # إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
أي و يقولون قيلهم.
المعنى
«إِنَّ رَبَّكُمُ» أي خالقكم و منشئكم و مالك تدبيركم و تصريفكم من أمره و نهيه و الذي يجب عليكم عبادته «اَللََّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّمََاوََاتِ وَ اَلْأَرْضَ» أي اخترعهما و أنشأهما على ما فيهما من عجائب الصنعة و بدائع الحكمة «فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ» بلا زيادة و نقصان مع قدرته على إنشائهما دفعة واحدة و الوجه فيه أن في ذلك مصلحة للملائكة و عبرة لهم و لغيرهم إذا أخبروا عن ذلك و كذلك تصريف الإنسان حالا بعد حال و إخراج الثمار و الأزهار شيئا بعد شيء مع قدرته على ذلك في أقل من لمح البصر لأن ذلك أبعد من توهم الاتفاق فيه «ثُمَّ اِسْتَوىََ عَلَى اَلْعَرْشِ» مر تفسيره في سورة الأعراف و قيل إن العرش المذكور هنا هو السماوات و الأرض لأنهن من بنائه و العرش البناء و أما العرش المعظم الذي تعبد الله سبحانه الملائكة بالحفوف به و الإعظام له و عناه بقوله اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ اَلْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ فهو غير هذا و قيل إن ثم هنا بمعنى الواو و قيل إن ثم دخل على التدبير و تقديره أي ثم استوى عليه بإنشاء التدبير من جهته كما يستوي الملك على سرير ملكه بالاستيلاء على تدبيره فإن تدبير الأمور كلها ينزل من عند العرش و لهذا ترفع الأيدي في دعاء الحوائج نحو العرش «يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ» أي يقدر و ينفذه على وجهه و يرتبه على مراتبه على أحكام عواقبه و هو مأخوذ من الدبور «مََا مِنْ شَفِيعٍ إِلاََّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ» إنما قال هذا و إن لم يجر ذكر للشفعاء لأن الكفار كانوا يقولون الأصنام شفعاؤنا عند الله فبين سبحانه أن الشفيع إنما يشفع عنده إذا أذن له في الشفاعة و إذا كانت الأصنام لا تعقل فكيف تكون شافعة مع أنه لا يشفع عنده أحد من الملائكة و النبيين إلا بإذنه و أمره «ذََلِكُمُ اَللََّهُ رَبُّكُمْ» أي إن الموصوف بهذه الصفات هو إلهكم «فَاعْبُدُوهُ» وحده لأنه لا إله لكم سواه و لا يستحق هذه الصفات غيره و لا تعبدوا الأصنام «أَ فَلاََ تَذَكَّرُونَ» حثهم سبحانه على التذكر و التفكر فيما أخبرهم به و على تعرف صحته} «إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً» المرجع يحتمل معنيين (أحدهما) أن يكونا بمعنى المصدر الذي هو الرجوع
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 136