اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 86
المَبحث الخامِس : التَأوِيل
الأصلُ عند العُلَماء والمُفسّرين ، أنّه لا يُمكن تَجاوز ظواهِر الألفاظ في القرآن إلاّ بدَليلٍ مُعتبَر ، سواء كان هذا الدليل شرعيّاً أم عقليّاً .
فالعامّ يبقى على عمومِه إلاّ بمُخَصِّص ، و المُطلَق على إطلاقِه إلاّ بمُقيِّد ، والأصل في اللُغة هو الحقيقة ولا يُتجاوَز عنها إلى المَجاز إلاّ بدليل .
وقد اتّفقَ أكثر علماء المسلمين على جواز التأويل في كلام الله ، حتّى الظاهريّة استخدموا التأويل في بعض الأحاديث[242] ، بل إنّ استخدام التأويل يُعتَبر من الضَرورات في بعضِ الأحيان ، وهذا يَنبَع من طبيعة اللُغة العربيّة ، فقد كانت العَربُ تُقيم سَبَب الشيءِ مَقام الشيء وتُسمِّيه باسمه ، والقرآن نزلَ بمَذاهب العَرَبِ ، وإنّ العربَ سَمّوا المطرَ سماء ؛ لأنّه من السماء ؛ لأنّ السماءَ سَبَب المَطر .
كما قد تأتي الأساليب العربيّة ويُقصَد بها غير ظواهرها ، فمِن سُنَن العربِ مُخالَفة ظاهر اللَفظ ، ومُهمّة التأويل أن يُبيِّن عن القصد من وراء الإشارات والرموز ، ويكشف الحُجُبَ عن الكَلِمات [243] .
مَعنى التأويلِ وضَوابِطه
هناك مَعاني اصطلاحيّة كثيرة للتأويل ، وما نريده هنا هو المَعنى المَشهور ، وهو : صَرْفُ اللَفظ من مَعناه الظاهر إلى مَعنى مَرجوح يَحتَمله ، لدليلٍ يُصَيِّره راجِحاً [244] .
ومن هذا التعريف يُمكن أن نستخرج عدَّة ضوابِط لصحّة التأويل :
1 - يجب أن يكون صَرْف اللفظ إلى مَعنى يحتمله ، وإن كان مرجوحاً .
اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 86