اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 54
المَبحث الثاني : نَقْد المَتنِ عند أهل البيت (ع)
ابتلى أئمّةُ أهل البيت (عليهم السلام) بمَجموعةٍ من الكذّابين والغُلاة ، الذين كانوا يضعون الأحاديث بوسائل كثيرة ، عن طريق الدَسِّ في كُتب الأصحاب ، وخصوصاً في زمن الإمامَين الباقر والصادق (عليهما السلام) ، فقد نقل الكَشّي بسَنَده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنّه قال : ( إنّا أهل بيتٍ صِدّيقون ، لا نَخلو من كذّابٍ يكذب علينا ، ويُسقط صِدقنا كذبه علينا عِند الناس ) [131] .
وقد وَصفَ الإمام الصادق (عليه السلام) الغُلاة فقال : ( إنّ فيهم مَن يَكذب حتّى أنّ الشيطان ليَحتاج إلى كَذبه ) [132] .
ولذلك كان أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) يَتَحَذّرون في نقل الأحاديث ، ويعرضونها على الأئمّة (عليهم السلام) لتصحيحها ، فيما إذا شَكّوا في وَضْعِها ، أو في فَهْمِ دلالتها ، فتارة كانوا يعرضون عليهم أحاديث مُفرَدَة لِفَهمِ معناها ، وخصوصاً عند التَعارض بين الأحاديث ، وكان الأئمّة (عليهم السلام) يُعلِّمونهم الطريق الصحيح في نقد الحديث .
روى المَجلسي ، بسَنَده عن المَيثمي ، أنّه سأل الرضا (عليه السلام) يَوماً ـ وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه ، وقد تنازعوا في الحَديثَين المُختَلفَين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الشيءِ الواحد ـ فقال (عليه السلام) :
( إنّ الله ( عزّ وجلّ ) حرّم حراماً وأحلَّ حلالاً ، وفرضَ فرائِض ، فما جاء في تحليل ما حرّم الله ، أو تحريم ما أحلَّ الله ، أو دفع فريضة في كتاب الله رَسْمها بَيِّن قائم ، بلا ناسِخ نَسَخَ ذلك ، فذلك ما لا يَسع الأخذ به ؛ لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يكن ليُحرِّم ما أحلَّ الله ، ولا ليُحلِّل ما حرّم الله ( عزّ وجَلّ ) ، ولا ليُغيِّر فرائض الله وأحكامه . . . ) [133] .
وعرّفه المَنهج الصحيح في الأخذِ بالحديث .
ومرّة أُخرى كانوا يعرِضون عليهم مجموعة من الأحاديث ، أو نُسخَة من الكتاب ؛ لأنّ كثيراً من النُسَخِ والكُتب اعتراها الشكّ بدَسِّ الأحاديث ، كما فعل المَغيرة بن سعيد ، فقد عَرَضَ
اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 54