اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 108
أمّا بالنسبة إلى النوع الثاني من أخبار الآحاد ، وهي الأخبار المُسْتَفِيضَة ، فقد أفرَدْناها بالبحث ؛ لأنّ الكثيرَ من الّذين كَتَبوا في هذا الموضوع اعتبروا الأخبار المُستفيضَة قاعِدة ، يُمكن رَدّ أو قبول الأخبار في ضوئِها .
وقبل أن نتكلَّم عن هذا الأمر ، لابُدَّ من تعريف الخبر المُستَفِيض .
وهو : الخَبَرُ الّذي تَكثُر رُواته في كلّ مَرتبة عن ثلاثة ، وعن بعضِهم أنّه ما زادتْ عن اثنين (326) .
ولا شكّ أنّه من أخبار الآحاد ولا يفيد إلاّ الظنّ . نعم ، يُمكن أن يرتفع إلى درجة العِلم بضَميمَة القرائِن الداخليّة والخارجيّة ، ولكن الكلام في نوعيّة هذه القرينةِ وتحقّقها خارِجاً .
فالمُتحصِّل : أنّه لا يُمكن اعتبار الاستفاضة مِقياساً لرَدِّ الأخبار ؛ لأنّها لا تخرج عن حَيِّز الظنِّ كما قُلنا .
أمّا الإجماع بين الفريقَين على الحديث ونَقْلِه ، فإنّه يُحقِّق كِلا الأمرين ، بالنسبة إلى درجة الاطمئنان والكشفِ عن السُنّة ، بالإضافة إلى كونه مبنىً مُشتَرَك لنقدِ الأخبار .
وهناك نقطة جديرة بالذِكر ، وهي أنّه ليس بالضرورة أن تكون السُنّة قولاً أو فعلاً أو تقريراً ، بل قد يكون هناك خبراً مَنقولاً عن الرسول ، قام الإجماع بين الفريقَين بأنّه لم يَرِدْ في السُنّة ولم يَفعله الرسول ، فإنّه يَنطبِق عليه بأنّه مُخالِف للسُنّة ، أي نقول : إنّ هذا ليس من سُنّة الرسول .
2 - الشرط الثاني الّذي لابُدّ من تَوفُّره ـ للحُكمِ على الحديث بالرَدِّ ـ وهو : عدم إمكانيّة الجَمعِ بينهما بدون تَكَلُّف ولا تَعَسّف ، سواء كان جَمْعاً عُرْفِيّاً أم مِن خلال الحَمل على اختلاف الأحوال والأزمان .
خلاصة وتقويم .
تبيَّن من خلال هذا العَرضِ السريع ، أنّ هذا المِقياس هو مّما أجمع عليه المسلمين ووردتْ فيه الأخبار ، وإن اختلفَ علماء الحديث في تفاصيل هذا المقياس .
وتَوَصَّلنا
اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 108