و أمّا إذا كان مصبّ الدعوى هو انتقال المال من المالك السابق إلى ذي اليد، فادّعى ذو اليد أنّ المالك السابق قد ملّكه ببيع أو صلح أو نحو ذلك، ففي مثل ذلك يكون صاحب اليد مدّعياً و المالك السابق منكراً.
و لكنّ الظاهر أنّه لا فرق بين الصورتين، فإنّ الإقرار بالملكيّة السابقة مع دعوى الملكيّة فعلًا لا ينفكّ عن دعوى الانتقال. و معنى ذلك: أنّ صاحب اليد يدّعي أنّ ملكيّته إنّما هي من جهة الانتقال ممّن اعترف بملكيّته سابقاً. و عليه، فالملزم بالإثبات و إقامة البيّنة إنّما هو صاحب اليد و هو المدّعى.
بقي هنا شيء: و هو أنّه قد يتوهّم أنّ ما ذكرناه منافٍ لما ورد في حديث الفدك، فقد روىٰ عثمان بن عيسى و حمّاد بن عثمان جميعاً في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في حديث فدك-: «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لأبي بكر: أ تحكم فينا بخلاف حكم اللّٰه في المسلمين؟ قال: لا، قال (عليه السلام): فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ادّعيتُ أنا فيه مَن تسأل البيّنة؟ قال: إيّاك كنت أسأل البيّنة على ما تدّعيه على المسلمين، قال: فإذا كان في يدي شيء فادّعى فيه المسلمون تسألني البيّنة على ما في يدي و قد ملكته في حياة رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) و بعده و لم تسأل المؤمنين البيّنة على ما ادّعوا عليَّ كما سألتني البيّنة على ما ادّعيت عليهم؟» الحديث [1].
و لكنّه يندفع أوّلًا: بأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد ادّعى ملكيّته و لم يعترف بانتقاله إليه من رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم)، و لا تنقلب الدعوى ما لم يعترف ذو اليد بالانتقال، و مجرّد العلم بالملكيّة السابقة لا أثر له، لعدم حجّيّة الاستصحاب مع اليد كما مرّ.