اسم الکتاب : ما يحتاجه الشباب المؤلف : الصادقي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 97
3 ـ كاتبُ الوحي والمُترجِم
والنموذج الآخر لقابلية الشباب على التأثّر فيما يرتبط بمسألة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، والاستفادة المؤثّرة والمفيدة التي جناها النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) : ( زيد بن ثابت ) ، وكان أبوهُ ( الضحّاك ) من أهل المدينة ومن قبيلة ( الخزرج ) ، وقُتلَ أبوه في ( حرب بُغاث ) حينما كان لهُ من العمر إحدى عشرة سنة .
وقد كان زيد من أوائل الذين هبّوا للقاء النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، حين دخوله المدينة فاعتنقَ الإسلام ، وعُدَّ من جملة أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، إلاّ أنّه لم يتمكّن من الاشتراك في ( بدر ) و( أحد ) في السنة الثانية والثالثة للهجرة ؛ لصغر سنّه آنذاك ، إلاّ أنّه عملَ على إعداد المُؤن من تحضير الطعام وما إلى ذلك ، ولذلك كان النبيّ يحثّه ويشجّعه قائلاً : ( باركَ الله فيك ) [1] .
وقد وفِّق زيد بن ثابت فيما بعد في السنة الخامسة للهجرة للاشتراك في واقعة الخَندق ، وحينما كان الأصحاب يحفرون الخَندق كان زيد يعمل بنقل التراب [2] ، إلاّ أنّ أهمّ منصب قلّدهُ إيّاه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) هو : ( كتابةُ الوحي ، والعمل في حقل الترجمة ) ، وبذلك صار زيد من جملة ( كُتّاب الوحي ) ، فكان يكتب الآيات النازلة على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ويحفظها ، كما أنّه كان عالِماً بها .
وقد مَنحهُ الله ذكاءً حادّاً حتّى أشار عليه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) بتعلّم اللغة السريانية ، إذ لم يكن يأمن جانب اليهود في مكاتباته مع علماء اليهود ، وكان يخشى من تحريف الرسائل [3] .
وقد تحدّث زيد الشابّ حول مهمّة الترجمة التي أمرهُ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) بها قائلاً : ( لقد تعلّمتُ اللغة السريانية كما كنتُ أقرأ رسائل اليهود لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ) [4] .