اسم الکتاب : ما يحتاجه الشباب المؤلف : الصادقي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 121
3 ـ أخافُ منه
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): إنّ رجلاً ركب البحرَ بأهله ، فكُسِر بهم ، فلم ينجُ ممّن كان في السفينة إلاّ امرأة الرجل ، فإنّها نَجت على لوح من ألواح السفينة ، حتّى ألجأت على جزيرة من جزائر البحر ، وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق ، ولم يَدَعْ لله حرمة إلاّ انتهكها ، فلم يَعلم إلاّ والمرأة قائمة على رأسه ، فرفعَ رأسهُ إليها وقال : إنسيّة أم جنّية ؟ فقالت : إنسيّة ، فلم يكلّمها كلمة حتّى جلسَ منها مجلس الرجل من أهله ، فلمّا أن همَّ بها اضطرَبت .
فقال لها : مالَكِ تضطربين ؟
فقالت : أفرَقُ من هذا ـ وأومَأت بيدها إلى السماء ـ .
قال : فصَنعتِ من هذا شيئاً ؟
قالت : لا ، وعزّته .
قال : فأنتِ تَفرقين منه هذا الفَرَق ، ولم تصنعي من هذا شيئاً ، وإنّما استكرهتكِ استكراهاً ، فأنا واللهِ أولى بهذا الفرق والخوف وأحقّ منكَ .
قال : فقام ولم يُحدث شيئاً ، ورجع إلى أهله ، وليست لهُ همّة إلاّ التوبة والمراجعة ، فبينما هو يمشي إذ صادفهُ راهب يمشي في الطريق ، فَحَميت عليهما الشمسُ ، فقال الراهب للشابّ :
ـ اُدعُ الله يُظلّنا بغمامة ، فقد حَميت علينا الشمس .
فقال الشابّ : ما أعلمُ أنّ لي عند ربّي حسنة فأتجاسر على أن أسألهُ شيئاً .
قال : فأدعو أنا ، وتؤمِّن أنت .
قال : نعم .
فأقبلَ الراهب يدعو ، والشابُّ يؤمِّن ، فما كان بأسرع من أن أظلّتهما غمامة ، فمشيا تحتها مليّاً من النهار ، ثمّ تفرّقت الجادّة جادّتين ، فأخذَ الشابّ في واحدةٍ ، وأخذ الراهب في واحدة ، فإذا السحابة مع الشابّ ، فقال الراهب :
ـ أنت خيرٌ منّي ، لك استُجيب ولم يُستجب لي ، فأخبِرني ما قصّتك ؟
اسم الکتاب : ما يحتاجه الشباب المؤلف : الصادقي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 121