اللّه فضله قدما و شرفه * * * جرى بذاك له في لوحه القلم
من جدّه دان فضل الأنبياء له * * * و فضل أمته دانت له الأمم
عم البرية بالاحسان فانقشعت * * * عنها العماية و الاملاق و الظلم
كلتا يديه غياث عم نفسهما * * * يستوكفان و لا يعروهما العدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره * * * يزينه اثنان حسن الخلق و الكرم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * * * رحب الفناء لريب حين يعترم
من معشر حبهم دين و بغضهم * * * كفر و قربهم منجى و معتصم
يستدفع السوء و البلوى بحبهم * * * و يستزاد به الاحسان و النعم
مقدم بعد ذكر اللّه ذكرهم * * * في كل ذكر و مختوم به الكلم
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم * * * أو قيل من خير اهل الارض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم * * * و لا يدانيهم قوم و إن كرموا
هم الغيوث إذا ما ازمة ازمت * * * و الأسد اسد الشرى و البأس محتدم
يأبى لهم ان يحل الذم ساحتهم * * * خيمكريم و أيد بالندى هضم
لا ينقص العصر بسطا من اكفهم * * * سيان ذلك ان أثروا و إن عدموا
أي الخلائق ليست في رقابهم * * * لأولية هذا أو له النعم
من يعرف اللّه يعرف أولية ذا * * * فالدين من بيت هذا ناله الامم
قال: فغضب هشام و أمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة و المدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين (عليه السلام)، فبعث إليه باثني عشر الف درهم، و قال: اعذر ابا فراس لو كان اكثر منها لوصلناك بها فردها و قال: يا ابن رسول اللّه ما قلت الذي قلت إلا غضبا للّه و لرسوله، و في رواية ان الفرزدق جعل يهجو هشاما فمما هجاه قوله:
أ يحبسني بين المدينة و اللتي * * * إليها قلوب الناس يهوى منيبها
يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * * * و عينا له حولاء باد عيوبها