«مولانا محمد هادي القوّاس، كان في بداية الأمر مشغولا بالحياكة و صنع الأقواس، و لما كان طبعه موزونا و بالحكمة مقرونا ينشئ بيتا أو بيتين، غير مكترث بالوزن في البين، و صار يقرؤه امام الأقران و الأماثل، و ينشده لكل راكب و راجل، حتى بلغ خبره الى عمّي (السيد عبد اللّه) و انه (رحمه اللّه)، من حيث كان عارفا قدر أرباب الفن، و حافظا منزلة كملة الزمن، أدرك لطافة طبعه أيضا، فجلبه من بيته، و نزعه من بيئته، و ألبسه لباسا آخر، و صبغه بصبغ أبهر، فسعى في تعليمه و تأديبه، و جدّ في تحسينه و تهذيبه.
فما مضت أيام، الا و انسلك في سلك الشعراء الحلو الكلام، و صار شاعرا و أديبا راقي المقام، فجعل يصرف قسمة من أوقاته في بيع الثياب، و باقيها في تحصيل العلم و الآداب، حتى صار من أمهر الشعراء، و أشهر الأدباء يقصده الرجال، و تضرب به الأمثال، تنشد أشعاره في المحافل و المجالس، و تحكى حكاياته بين كل ماش و جالس، كان ينظم الأبيات بكمال النباهة، و يؤرّخ المقطّعات بالعجالة و البداهة.
انه نظم قصيدة في ولادة السيد نعمة اللّه بن السيد حسين خان في خمسين بيتا، يستخرج من كل مصراعه تاريخا هجريا، و فارسيا، و روميا، و جلاليا على الترتيب، من دون أن يورد فيها ألفاظا غير مأنوسة، أو كلمات غير مألوفة، و الحق أنه صنع باهر، لا يقدر عليه الا أستاذ ماهر، و ها أنا أنقل لكم منها بيتا بقي في ذاكرتي:
نعمت اللّه ز حق شد نامش * * * ز اسد طالع والايش دان