الأسارى، فلما اطلع السيد عبد اللّه عليه، اشتراه من الحكومة و جعله في بيته لديه، و كان يتعلم منه الانجيل و تفاسيره، و في نفس الوقت استحضر واحدا من علماء اليهود أيضا من اصفهان، و شخصا من مؤبدان المجوس من يزد، فكان يأخذ منهما علم التوراة و صحف المجوس و شروحهما، فحصّل منهم علوما كثيرة، في مدة قصيرة، و هذا قلّما يتفق للعلماء في السلف و الخلف، و كان يقول: «لو كان ملك مقتدر يتحمل مصاريف عقد «الزيج» لبنيت مرصدا أحسن مما بناه المتقدمون، و كان باقيا الى مديد من الدهر» [1].
فضائله النفسية
انه كان مع غزارة علمه، و شموخ مقامه، نموذجا لأخلاق المعصومين (عليهم السلام)، و مرآة لسيرة الطاهرين، مانعا نفسه عن هوى المضلّين، جامعا بين صفات العرفاء و أهل الشرع المتين، كما هو ظاهر من كتابه الثمين «التحفة السنية» الذى هو بحر موّاج مملو باللئالي و الجواهر، و ترياق رجراج لإصلاح البواطن و الظواهر.
نقل المير عبد اللطيف في تحفته من طهارة باطنه و شهامة نفسه ما قل ما يوجد في غيره و هذا تعريبه:
«... بعد ثلاثة أيام من وفاة والده العلام، ازدحم الناس على باب بيته و التمسوا منه أن يقيم مقام أبيه في محراب امامة الجمعة و اليومية، فقبل منهم بعد اصرارهم الشديد، فخطب الخطبتين و أقام الركعتين للجمعة، و لما حان وقت صلاة العصر، قام من مصلاه و أخذ يد أخيه الأصغر- السيد مرتضى- و أقامه أمامه، ثم قام مقامه، و أعلن في الناس، بكمال الجرأة و الاحتناس: أيها الناس! ان هذا أخي أليق منى لإمامة الجمعة في هذا المقام، و الجماعة في سائر الأيام، ثم