اسم الکتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 11
واجتماع الأفراد تحت جامع حكومة الاستبداد والسلطة الملوكية ، فكان الاجتماع القومي ، والوطني والإقليمي يعيش تحت راية الملك والرئاسة ، ويهتدي بهداية عوامل الوراثة والمكان وغيرهما من غير أن يعتني أمّة من هذه الأمم عناية مستقلّة بأمره ، وتجعله مورداً للبحث والعمل ، حتى الأُمم المُعظمة ـ التي كانت لها سيادة الدنيا ـ حينما شرقت شارقة الدين ، وأخذت في إشراقها وإنارتها أعني إمبراطورية الروم والفرس ، فإنّها لم تكن إلا قيصرية وكسروية تجتمع أُممها تحت لواء الملك والسلطنة ، ويتبعها الاجتماع في رُشده ونموّه ويمكث بمكثها .
نعم ، يوجد فيما ورثوه أبحاث اجتماعية في مسفورات حكمائهم ، من أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم ، إلاّ أنّها كانت أوراقاً وصحائف لا ترد مورد العمل ، ومثلاً ذهنية لا تنزل مرحلة العين والخارج ، والتاريخ الموروث أعدل شاهد على صدق ما ذكرناه .
فأول نداء قرع سمع النوع الإنساني ، ودعا به هذا النوع إلى الاعتناء بأمر المجتمع ، بجعله موضوعاً مستقلاً خارجاً عن زاوية الإهمال وحكم التبعية ، هو الذي نادى به صادع الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام ، فدعا الناس بما نزل عليه من آيات ربّه إلى سعادة الحياة وطيب العيش مجتمعين .
وقد قال تعالى : ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ ... )[1] .
وقال تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ـ إلى أن قال تعالى : ـ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ( يُشير إلى حفظ المجتمع عن التفرُّق والانشعاب ) وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ