اسم الکتاب : قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) المؤلف : التستري، الشيخ اسد الله الجزء : 1 صفحة : 290
(الرابع عشر)
في شرح ابن أبي الحديد: مرّ عمر يوما بشاب من فتيان الانصار و هو ظمآن، فاستسقاه فجدح له ماء بعسل فلم يشربه و قال: إنّ اللّه تعالى يقول «أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا». فقال له الفتى: إنّها ليست لك و لا لأحد من اهل هذه القبلة، اقرأ ما قبلها «وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا»[1]. فقال عمر: كلّ الناس أفقه من عمر.
قلت: و مع ما ذكر الفتى يردّ على الفاروق أيضا أنّ المراد باذهاب الطّيّبات في الدنيا ليس مثل شرب العسل اذا كان من حلال و برضاء صاحب المال، كيف و قد قال اللّه تعالى «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ»[2] و إنمّا المراد به ما فعله من تحصيل السلطنة و الرئاسة بقهر اهل بيت النبيّ و ارادة قتلهم و حرقهم، و ليس لذّة عند اهل الدنيا فوق الرئاسة و السياسة.
(الخامس عشر)
في شرح ابن أبي الحديد: قيل انّ عمر كان يعسّ بالليل، فسمع صوت رجل و امرأة في بيت، فارتاب فتسوّر الحائط فوجد رجلا و امرأة و عندهما زق خمر، فقال للرّجل: يا عدوّ اللّه أ كنت ترى أنّ اللّه يسترك و أنت على معصيته؟ قال: يا أمير المؤمنين إن كنت أخطأت في واحدة فقد اخطأت في ثلاث، قال اللّه تعالى «وَ لا تَجَسَّسُوا» و أنت تجسّست، و قال «وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها» و قد تسوّرت، و قال «فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا» و ما سلّمت.
و في تفسير الثعلبي أنّ ذاك الرجل الذي تسوّر عليه عمر كان أبا محجن [عمر بن حبيب] الثقفي. و روى أنّ أبا محجن قال لعمر انّ هذا لا يحلّ لك قد نهاك اللّه عن التجسّس. فقال: ما يقول هذا؟ فقال زيد بن ثابت و عبد اللّه بن أرقم: صدق يا أمير المؤمنين هذا التّجسّس، فخرج عمر و تركه.
قال بعض علمائنا: إنّ أبا محجن الخمّير السكّير الّذي يقول من شغفه بالخمر:
إذا متّ فادفنّي الى جنب كرمة * * * تروّي عظامي بعد موتي عروقها
و لا تدفنني في الفلاة فإنّني * * * أخاف إذا ما متّ ألّا أذوقها