يعرف و الخليفة لا يعرف و لم يتنبه بعد تنبيهه حتى أعلمه الآخرون.

(السادس عشر)

شرح ابن أبي الحديد: كان عمر يفتي كثيرا بالحكم ثم ينقضه و يفتي بضده و خلافه.

و عن ابن سيرين سألت أبا عبيدة السلمانيّ عن شي‌ء من أمر الجدّ؟ فقال: اني لأحفظ عن عمر مائة قضية في الجدّ كلّها يخالف بعضها بعضا.

و في شرح ابن أبي الحديد: قضى عمر في منازعة عليّ (عليه السلام) للزبير فى ميراث موالي صفية للزبير، فأذعن عليّ بقضائه بحكم سلطانه لا رجوعا عمّا كان يذهب إليه من حكم الشرع في هذه المسألة.

(السابع عشر)

فتوح بلدان البلاذري مسندا عن أنس قال: حاصرنا تستر فنزل الهرمزان، فكنت أنا الّذي أتيت به الى عمر بعث بي أبو موسى فقال عمر له تكلّم. فقال:

أ كلام حيّ أم كلام ميّت؟ فقال: تكلّم لا بأس. فقال: كنّا معشر العجم ما خلى اللّه بيننا و بينكم نقصيكم و نقتلكم، فلمّا كان اللّه معكم لم يكن لنا بكم يدان. فقال عمر: ما تقول يا أنس. قلت: تركت خلفي شوكة جديدة و عدوّا كلبا، فان قتلته يئس القوم من الحياة فكان أشدّ لشوكتهم، و ان استحييته طمع القوم في الحياة. فقال عمر: يا أنس سبحان اللّه قاتل البراء بن مالك و مجزأة ابن ثور السدوسي. قلت: فليس لك إلى قتله سبيل. قال: و كم اعطاك أ أصبت منه. قلت: لا و لكنّك قلت له «لا بأس». فقال: متى لتجيئني معك بمن يشهد و إلا بدأت بعقوبتك. فخرجت من عنده فاذا الزبير بن العوام قد حفظ الذي حفظت، فشهد لي فخلّى سبيل الهرمزان فأسلم و فرض له عمر.

و رواه ابن أبي الحديد و في خبره: فلما كلّمه عمر أمر أبا طلحة أن ينتضي سيفه و يقوم على رأسه ففعل، ثم قال له: ما عذرك في نقض الصلح و نكث العهد و قد كان الهرمزان صالح أولا ثم نقض و غدر- فقال: أخبرك؟ قال: قل. قال: أنا شديد العطش فاسقني ثم أخبرك، فأحضر له إناء ماء، فلمّا تناوله جعلت يده ترعد. قال: ما شأنك. قال: أخاف أن أمدّ عنقي و أنا أشرب فيقتلني. قال: لا بأس عليك حتى تشرب. فألقى الإناء من يده.

فقال: ما بالك أعيدوا عليه الماء و لا تجمعوا عليه بين القتل و العطش. قال: انّك قد آمنتني.