responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 427

وهوّته الفاصلة بين العقل والجسم .

وقد أدّت المشاكل التي تنجم عن تفسير الإنسان على أساس الروح والجسد معاً إلى بلورة اتّجاه حديث في التفكير الأوروبي إلى تفسير الإنسان بعنصر واحد ، فنشأت المادّية في علم النفس الفلسفي القائلة : إنّ الإنسان مجرّد مادّة وليس غير ، كما تولّدت النزعة المثالية التي تجنح إلى تفسير الإنسان كلّه تفسيراً روحياً .

وأخيراً ، وَجَدَ تفسير الإنسان على أساس العنصرين الروحي والمادّي تصميمه الأفضل على يد الفيلسوف الإسلامي (صدر المتألّهين الشيرازي) ، فقد استكشف هذا الفيلسوف الكبير حركة جوهرية في صميم الطبيعة ، هي الرصيد الأعمق لكلّ الحركات الطارئة المحسوسة التي تزخر بها الطبيعة ، وهذه الحركة الجوهرية هي الجسر الذي كشفه الشيرازي بين المادّة والروح ؛ فإنّ المادّة في حركتها الجوهرية تتكامل في وجودها ، وتستمرّ في تكاملها حتّى تتجرّد عن مادّيتها ضمن شروط معيّنة ، وتصبح كائناً غير مادّي ، أي : كائناً روحياً ، فليس بين المادّي والروحي حدود فاصلة ، بل هما درجتان من درجات الوجود والروح بالرغم من أنّها ليست مادّية ذات نسب مادّي ؛ لأنّها المرحلة العليا لتكامل المادّة في حركتها الجوهرية [1] .

وفي هذا الضوء نستطيع أن نفهم العلاقة بين الروح والجسم ، ويبدو من المألوف أن يتبادل العقل والجسم ـ الروح والمادّة ـ تأثيراتهما ؛ لأنّ العقل ليس شيئاً مفصولاً عن المادّة بهوّة سحيقة كما كان يُخيّل لديكارت حين اضطرّ إلى إنكار التأثير المتبادل والقول بمجرّد الموازنة ، بل إنّ العقل نفسه ليس إلاّ صورة


[1] يراجع : صدر الدين الشيرازي ، شرح الهداية الأثيريّة : 214 ـ 218 .

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 427
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست