responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 398

عن عملية التوالد الذاتي إلى الأبد ، بمعنى : أنّ التفسير المادّي لخلية الحياة الأُولى بالتوالد الذاتي لو كان صحيحاً فكيف يمكن للمادّية أن تعلّل عدم حدوث التوالد الذاتي مرّة أخرى في الطبيعة على مرّ الزمن منذ الآماد البعيدة ؟!

والواقع : أنّه سؤال محيّر للمادّية ، ومن الطريف أن يجيب عليه العالم السوفياتي (أوبارين) قائلاً : إذا كان بعث الحياة عن طريق التفاعل المادّي الطويل الأمد لا يزال ممكناً في كوكب أخرى غير كوكبنا ـ يعني الأرض ـ ففي هذا الكوكب لم يعد له مكان ، ما دام هذا البعث أصبح يحدث عن طريق أسرع وأقرب ، وهو طريق التوالد البشري الزواجي ؛ ذلك لأنّ التفاعل الجديد حلّ محلّ التفاعل البدائي البيولوجي والكيمي ، وجعله غير ذي لزوم [1] .

هذا هو كلّ جواب (أوبارين) على المشكلة ، وهو جواب غريب حقّاً . فانظر إليه كيف يجعل استغناء الطبيعة عن عملية التوليد الذاتي بسبب أنّها عملية لا لزوم لها ، بعد أن وجدت الطريق الأسرع والأقرب إلى إنتاج الحياة ، كأنّه يتكلّم عن قوّة عاقلة واعية تترك عملية شاقّة بعد أن تهيّأ لها الوصول إلى الهدف من طريق أيسر . فمتى كانت الطبيعة تترك نواميسها وقوانينها لأجل ذلك ؟! وإذا كان التولّد الذاتي قد جرى أوّل الأمر طبقاً لقوانين ونواميس معيّنة ، كما يتولّد الماء من التركيب الكيميائي الخاصّ بين الأوكسجين والهيدروجين ، فمن الضروري أن يتكرّر طبقاً لتلك القوانين والنواميس ، كما يتكرّر وجود الماء متى وجدت العوامل الكيميائية الخاصّة ، سواءٌ كان للماء لزوم أم لا ؛ إذ ليس اللزوم في عرف الطبيعة إلاّ الضرورة المنبثقة عن قوانينها ونواميسها ، فبأيّ سبب اختلفت تلك القوانين والنواميس ؟!


[1] قصّة الإنسان : 10 .

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 398
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست