responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 393

المتجدّد . والسرّ في اضطرار الديالكتيك إلى هذا القول هو : تبرير التفسير المادّي للحركة ؛ لأنّ سبب الحركة ورصيدها لا بدّ أن يكون محتوياً ذاتياً على ما يموّن الحركة ويمدّها به من أطوار وتكاملات ، وحيث إنّ المادّة عند الديالكتيك هي السبب المموّن لحركتها ، والدافع بها في مجال التطوّر ، كان لزاماً على الديالكتيك أن يعترف للمادّة بخصائص الأسباب والعلل ، ويعتبرها محتوية ذاتياً على جميع النقائض التي تتدرّج الحركة في تحقيقها ؛ لتصلح أن تكون منبثقاً للتكامل ومموّناً أساسياً للحركة . وهكذا اعترف بالتناقض كنتيجة حتمية لتسلسله الفلسفي ، فنبذ مبدأ عدم التناقض ، وزعم أنّ المتناقضات مجتمعة دائماً في محتوى المادّة الداخلي ، وأنّ المادّة بهذه الثروة المحتواة تكون سبباً للحركة والتكامل .

وأمّا التفسير الإلهي للحركة ، فيبدأ مستفهماً عن تلك المتناقضات التي يزعم الديالكتيك احتواء المادّة عليها ، فهل هي موجودة في المادّة جميعاً بالفعل ، أو إنّها موجودة بالقوة ؟ ثمّ يستبعد الجواب الأوّل نهائياً ؛ لأنّ المتناقضات لا يمكن لها ـ بحكم مبدأ عدم التناقض ـ أن تجتمع بالفعل ، ولو اجتمعت بالفعل لجمدت المادّة وسكنت . ويبقى بعد ذلك الجواب الثاني ، وهو : أنّ تلك النقائض موجودة بالقوّة ، ومعنى وجودها بالقوّة : أنّ المادّة فيها استعداد لتقبّل التطوّرات المتدرّجة ، وإمكانية للتكامل الصاعد بالحركة . وهذا يعني : أنّها فارغة في محتواها الداخلي عن كلّ شيء ، سوى القابلية والاستعداد . والحركة في هذا الضوء خروج تدريجي من القابلية إلى الفعلية في مجال التطوّر المستمرّ ، وليست المادّة هي العلّة الدافعة لها ؛ لأنّها خالية من درجات التكامل التي تحقّقها أشواط التطوّر والحركة ، ولا تحمل إلاّ إمكانها واستعدادها . فلا بدّ ـ إذن ـ من التفتيش عن سبب الحركة الجوهرية للمادّة ، ومموّنها الأساسي خارج حدودها ، ولا بدّ أن يكون هذا السبب هو الله ـ تعالى ـ الحاوي ذاتياً على جميع مراتب الكمال .

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست