المحاولة الأُولى : أنّ الفكر أو الإدراك انعكاس للواقع الموضوعي ، ولأجل أن يكون مطابقاً له يجب أن يعكس قوانينه وتطوّره وحركته . فالطبيعة تتطوّر وتتغيّر باستمرار طبقاً لقانون الحركة ، ولا يمكن للحقيقة أن تصوِّرها في الذهن البشري إذا كانت مجمّدة ساكنة ، وإنّما توجد الحقيقة في أفكارنا إذا أُخذت هذه الأفكار على اعتبار أنّها تنمو وتتطوّر ديالكتيكياً ؛ لتكون مفاهيمنا عن الأشياء مواكبة للأشياء ذاتها .
ويحسن أن نلاحظ في هذا المجال النصوص الآتية :
(إنّ الواقع ينمو ، والمعرفة التي تنشأ من هذا الواقع تعكسه وتنمو مثله ، وتصبح عنصراً فعّالاً من عناصر نموّه . إنّ الفكر لا يُحدِث موضوعه ، وإنّما الفكر يعكس الواقع الموضوعي ويطوِّره باكتشاف قوانين نموّه) [1] .
(إنّ الفرق بين المنطق الشكلي والمنطق الديالكتي ، ينحصر في واقع : أنّهما يواجهان بصورة مختلفة المسألة الأساسية للمنطق ، وهي : مسألة (الحقيقة) . فمن وجهة نظر المنطق الديالكتي ليست (الحقيقة) شيئاً معطى مرّة واحدة لا غير ، ليست شيئاً مكتملاً محدّداً مجمّداً ساكناً ، بل الأمر خلاف ذلك ، فـ (الحقيقة) هي : عملية نموّ معرفة الإنسان للعالم الموضوعي) [2] .