responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 110

(الطريقة العقلية في التفكير ، أو السير الفكري من القضايا العامّة إلى قضايا أخصّ منها) . وظلّت الفلسفة تسيطر على الموقف الفكري للإنسانية حتّى بدأت التجربة تشقّ طريقها ، وتقوم بدورها في حقول كثيرة وهي تتدرّج في المعرفة من الجزئيات إلى الكلّيات : من موضوعات التجربة إلى قوانين أعمّ وأشمل ، فكان على الفلسفة أن تنكمش وتقتصر على مجالها الأصيل ، وتفسح المجال لمزاحمها الجديد (العلم) لينشط في سائر المجالات الأخرى ، وبذلك انفصلت العلوم عن الفلسفة ، وتحدّدت لكلّ منهما أداته الخاصّة ومجاله الخاصّ ، فالفلسفة تصطنع القياس أداة عقلية للتفكير ، والعلم يستخدم الطريقة التجريبية ويتدرّج من الجزئيات إلى قوانين أعلى .

كما أنّ العلم ، كلّ علم ، يتناول شعبة من الوجود ونوعاً خاصّاً له يمكن إخضاعه للتجربة ، فيبحث عن ظواهره وقوانينه في ضوء التجارب التي يمارسها . وأمّا الفلسفة ، فتتناول الوجود بصورة عامّة دون تحديد أو تقييد ، وتبحث عن ظواهره وأحكامه التي لا تخضع للتجربة المباشرة . فبينما يبحث العالم الطبيعي عن قانون تمدّد الفلزات بالحرارة ، والعالم الرياضي عن النسبة الرياضية بين قطر الدائرة ومحيطها ، يدرس الفيلسوف ما إذا كان للوجود مبدأ أوَّل انبثق منه الكون كلّه ، وما هو جوهر العلاقة بين العلّة والمعلول ، وهل يمكن أن يكون لكلّ سبب سبب إلى غير نهاية ؟ وهل المحتوى الإنساني مادّي محض ، أو مزاج من المادّية والروحية ؟

وواضح من أوّل نظرة : أنّ محتوى الأسئلة التي يثيرها العالم يمكن إخضاعها للتجربة ، ففي إمكان التجربة أن تقدّم الدليل على أنّ الفلزات تتمدّد بالحرارة ، وأنّ القطر مضروباً في يساوي محيط الدائرة ، وعلى العكس من

اسم الکتاب : فلسفتنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست