اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 399
إنسان آخر.
و ممّا يؤكّد هذا المعنى: ذيل الآية الكريمة التي هي أوّل آية من سورة النساء، قال تعالى: ... وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ حيث أمر اللّه سبحانه الناس بالتعطّف على الأولاد و النساء و الأرحام، و الرأفة بهم، و إيصال حقوقهم إليهم، و حفظ أموالهم، و ذلك بواسطة إبقاء التركة لهم، و هذا الأمر بالتعطّف و التودّد على الأرحام، يشمل جميع الأنبياء أيضا، بل إنّهم أولى من تعطّف على الناس، فكيف بالأرحام، ممّا يدلّ على أنّ سياق السورة و آياتها- بما فيها المواريث- تشمل الأنبياء أيضا، و لا يختلف في هذا إثنان.
فدعوى أنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لا يورث، مناف و مخالف لعموم نصوص القرآن الكريم، بل إنّ الحديث المزعوم، يستلزم طرح هذا العموم- المتقدّم- و هو محال، إذ إنّ سياق آيات الإرث لا يقبل التخصيص- كما عرفت- لأنّ تخصيص الأنبياء منها، يستلزم إلغاء خصائص البشرية عنهم، و لا يقول بهذا عاقل.
و للفخر الرازي كلام رائع، في الاستدلال على عموم الخطاب في سورة النساء:
قال: في تفسير قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ...: اتّفق الأصوليون على أنّ الخطاب عام لجميع المكلّفين، و هذا هو الأصحّ، لوجوه:
أحدها: أنّ لفظ (الناس) جمع، دخله الألف و اللام، فيفيد الاستغراق.
و ثانيها: أنّه تعالى علّل الأمر بالاتّقاء بكونه خالقا لهم من نفس واحدة، و هذه العلّة عامّة في حقّ جميع المكلّفين بأنّهم من ولد آدم (عليه السلام) خلقوا بأسرهم، و إذا كانت العلّة عامّة كان الحكم عامّا.
و ثالثها: أنّ التكليف بالتقوى عام في حقّ جميع العالمين.
ثمّ قال: و إذا كان لفظ (الناس) عاما في الكلّ، و كان الأمر بالتقوى عاما في
اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 399