اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 345
فهل يجوز للوالي أن يهب من أموال المسلمين أرضا، و ينتزع من حبيبة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أرضها؟!
4- روى السيّد في (التبصرة) عن أبي عبيدة، معنعنا عن زيد بن أسلم قال: كنت جالسا مع عمر بن الخطّاب، إذ طلعت علينا امرأة أعرابية، فقالت:
يا عمر إنّي بنت حفّار بن أسماء، و قد كان أبي مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في عام الحديبية.
فقال عمر: إنّك لقريبة عهد برسول اللّه، و لا بدّ من إكرامك، فأمر لها بطعام و ثياب و مال جزيل من بيت المال، فقال له رجل من أصحابه: لقد أسرفت في عطائها و بالغت في إكرامها، و هل هي إلّا ابنة رجل أعرابي لا نعرفه؟
فقال له عمر: ويحك؟ لقد كان أبوها مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في الحديبية، و لعلّه كان معه في مواطن أخرى، و لا أشكّ أنّ له في هذا المال حقّا، فلا ينبغي أن أخيّب ابنته، و لا أضيّع حقّها [1].
فيا أيّها الناس، حكّموا عقولكم فيما صنعه عمر، و ما قاله، فإنّه خشي أن يضيّع حقّ امرأة عجوز أعرابية، لم يثبت لها شيء بعد، إلّا مجرّد دعواها أنّها ابنة رجل شهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في موطن واحد، فأكرمها، و بالغ في عطائها.
و هذه ابنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و سيّدة نساء العالمين، جاءته بالشهود على حقّها، فكذّب شهودها و طردها، و أخذ حقّها، و لم يرع حرمة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في حبيبته.
و قد ذكر المؤرخون في ترجمة هذا الأعرابي- حفّار بن أسماء- أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كان قد طرده لأمر كان منه، و لم يعطه شيئا من بيت المال، فلو صدقت تلك المرأة في دعواها أنّها ابنته، لما استحقّت شيئا، حتّى لو كان أبوها حيّا لما استحقّ شيئا.
و أين كانت هذه الرحمة و الشفقة من عمر، يوم أتته فاطمة (عليها السلام) بضعة
[1] لاحظ الأربعين في خصائص سيّدة نساء العالمين للسنقري (مخطوط).
اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 345