هذه الدار في راحة، قد حفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه، وأمينه، وخِيَرته من الخلق وصفيه. والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت:
أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبلغاؤه إلى الأمم. زعيم حق له فيكم [1]، وعهد قدمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم: كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائداً إلى الرضوان أتباعه، مؤد إلى النجاة استماعه، به تنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذرة، وبيناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة.
فجعل الله الإيمان: تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة: تنزيهاً لكم عن الكِبر، والزكاة: تزكية للنفس، ونماء في الرزق، والصيام: تثبيتاً للإخلاص، والحج: تشييداً للدين، والعدل: تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا: نظاماً للملة، وإمامتنا: أماناً للفرقة، والجهاد: عزاً للإسلام، والصبر: معونة على استيجاب الأجر، والأمر بالمعروف: مصلحة للعامة، وبر الوالدين: وقاية من السخط، وصلة الأرحام:منسأة في العمر، ومنماة للعدد [2]، والقصاص: حقناً للدماء، والوفاء بالنذر: تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكائيل والموازين: تغييراً للبخس، والنهي عن شرب الخمر: تنزيهاً عن الرجس، واجتناب القذف: حجاباً عن اللعنة، وترك السرقة: إيجاباً بالعفة. وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية. فاتقوا الله حق
[1] الزعيم في المقام الكفيل. والمراد أن القرآن المجيد وثيقة الحق التي تركها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أمته.
[2] يعني: سبباً لطول العمر ونماء العدد وكثرة النسل.