الكوفة يقول فيه: "أما أخي فأرجو أن يكون الله قد وفقه وسدده فيما يأتي. وأما أنا فليس رأيي اليوم ذلك. فالصقوا رحمكم الله بالأرض، واكمنوا في البيوت، واحترسوا من الظنة. مادام معاوية حي. فإن يحدث الله به حدثاً وأنا حي كتبت إليكم برأيي. والسلام" [1] .
عظمة الإمام الحسن (عليه السلام) في موقفه
والإنصاف أن النظرة الموضوعية لظروف الإمام الحسن (صلوات الله عليه) تقضي بعظمة موقفه الجريء في خدمة الدين، وفنائه في ذات الله عز وجل من أجل ذلك، لأنه أقدم بموقفه هذا على أن يتجرع الأذى والغصص من معاوية وأتباعه، ويتعرض للتشنيع عليه بالجبن وحب العافية ونحوهما من أعدائه، ومن جهلة الناس.
كما يتعرض للّوم والتقريع من شيعته وأوليائه، لقِصَر نظرهم وجهلهم بوجه الحكمة في موقفه، بحيث يصعب تفهمهم له واقتناعهم به.
ويمكن التعرف على مرارة ما كان يقاسيه (عليه السلام) مما روي عن هزان. قال: "قيل للحسن بن علي: تركت إمارتك وسلمتها إلى رجل من الطلقاء، وقدمت المدينة! فقال: إني اخترت العار على النار" [2] .
فإن هذا الحديث إن صدق فأي معاناة كان (عليه السلام) يعانيها وهو يرى نفسه ـ مع جلالته ورفعة مقامه ـ قد جنى العار بصلحه. وإن كان كذباً وافتراءً عليه (عليه السلام) فما أعظم معاناته وهو يرى أنه قد تعرض لأن يرميه الأعداء والجاهلون بتحمل