responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 287

انما هو من جهة انّه في حال الفحص لا يجب عليه الرّد لاحتمال انّه له فلا وجه لردّه الى مالكه الأوّل فهو في حال الفحص غير مأمور بالرّد بخلاف العالم فليس له حالة فحص يمهل قبل انتهاءها نعم إذا أدى فحص الجاهل الى العمل بالأصل أو الى العلم بعدم كون المال له فهناك يكون مخاطبا بالرّد و معاقبا على تركه و إذا لم يترتب على الجهل البسيط عقاب لعدم توجه الخطاب اليه لم يترتب على المركب ايضا عقاب بالطريق الأولى أو بحكم العقل من جهة اتحاد عنوانيهما عنده أقول لا يبعد ان يكون المراد بالجهل في كلامهم هو الجهل بالموضوع الغير الساري إليه من باب الجهل بالحكم كما لو علم ان الشراء من الغاصب موجب للضمان محرم فاشترى من أحد ما لا ثم شك في انّه مغصوب أم لا أو انه اشتراه منه و كان في الواقع مغصوبا و لم يلتفت الى احتمال كونه مغصوبا أصلا بل هذا هو (الظاهر) و إذ قد عرفت ذلك نقول هل يحب ردّه فورا أم لا فالّذي أفاده (المصنف) (رحمه الله) هو انه عند القائلين بحرمة التصرّف في المقبوض بالبيع الفاسد لا خلاف في وجوبه لأن الإمساك أيضا و لو كان انا ما نوع من التصرّف المحرم فيجب تركه و هو معنى وجوب ردّه فورا ثمّ انه ذكر بعض من تأخر انه وقع الخلاف في طريق التخلص من الغصب من جهة انه عبارة عن الردّ و الإيصال إلى المالك أو انه عبارة عن التخلية بينه و بين المال المغصوب و انه اختار في كتاب الغصب كونه عبارة عن إيصال المال الى مالكه و لو كان موقوفا على مؤنة و لو كانت كثيرة بل قد (يقال) انه يجب عليه الإيصال و لو كان فيه تلف نفسه مع كون المال يسير اخماء لعدوانه ثمّ قال نقول هنا بمثل ما قلنا في باب الغصب فيجب عليه الرّد فيحرم عليه الإمساك الذي هو عدم الرّد و لكن لقائل أن يقول ان ذلك محل تأمل أوّلا من جهة الأصل فإنه يمكن ان (يقال) هناك بان اللّازم انما هو ما كان أسرع في التخلص و قد يكون الاعلام و التخلية بينه و بينه أسرع في التخلّص لكون قدرته على النقل أكمل من قدرة الغاصب مثلا أو يكون أصلح بحال المالك كما لو كان هو في بلد و المال في بلد أخر و غرضه بالمال هو التجارة و كان بلد المال أعود من بلده مضافا الى الاحتياج إلى مؤنة النقل و كون الغاصب لم يغصب المال إلا في بلده و ثانيا ان جريان جميع أحكام الغصب في المقبوض بالبيع الفاسد مما يطالب بالدليل عليه و ان وقع في عبارة المحقق الأردبيلي (رحمه الله) تشبيهه بالمغصوب و الحكم بعدم جواز تصرّفه و حفظه و وجوب ردّه الى مالكه معجلا هذا و ظاهر كلام (المصنف) (رحمه الله) حيث قيد نفى الخلاف في وجوب الفور بالرّد بقوله على تقدير عدم جواز التصرّف فيه هو عدم بناء المسئلة على كون طريق التخلّص في الغصب هو الرّد الى المالك و الإيصال إليه بل بناؤه إيّاها على عدم جواز التصرّف و يتضح ذلك بملاحظة ما استدل به على ذلك

قوله و يدل عليه ان الإمساك انا ما تصرّف في مال الغير بغير اذنه فلا يجوز

هذا استدلال على وجوب الفور بالرّد بعد الفراغ عن حرمة التصرّف في المبيع بالبيع الفاسد أقول لا يخفى أن الإمساك يقع على وجهين أحدهما ان يكون بنيّة التخلية بين المال و بين مالكه بان لا ينتفع به و لا يستعمله أصلا بل يضعه في مكان مناسب له بنيّة تمكين المالك منه و ثانيهما ان يكون بنيّة منعه و عدم تمكينه منه مع عدم استعماله و الانتفاع به و لا ريب ان شيئا من الوجهين ليس تصرفا لغة و اما بحسب العرف فالوجه الثاني تصرّف دون الأوّل فلا يدل حرمة التصرّف على حرمة الوجه للاوّل و هو (قدس سرّه) قد التفت الى ذلك بعض الالتفات و لذلك قال و لو نوقش في كون الإمساك تصرفا كفى عموم قوله (عليه السلام) لا يحل مال امرء مسلم لأخيه إلا عن طيب نفسه حيث يدل على تحريم جميع الأفعال المتعلقة به التي منها كونه في يده و أقول ان دلالة قوله (عليه السلام) لا يحلّ (انتهى) على تحريم الإمساك على الوجه الأوّل من كونه في يده بنيّة التخلية و التّمكين لا (تخلو) عن نظر بل منع فتأمل ثمّ ان بعض المعاصرين قال انه قد يستدل عليها يعني الفورية بخبر اليد ثمّ قال انّ ذلك لعلّه للتلازم بين الفورية و بين الضمان و لكنه محل منع كما في العارية المضمونة و المقبوض بالسوم و كثير من الموارد هذا كلامه

قوله و لكن الّذي يظهر من (المبسوط) عدم الإثم في قبضه

(انتهى) هذا تصريح بما ظهر من التقييد بقوله على تقدير عدم جواز التصرّف فيه من وجود قول أخر في مقابله ضرورة ان القبض بعد العلم بالفساد من جملة التصرّفات و ان قلنا بأن الإمساك بنيّة التخلية و تمكين المالك في صورة وقوع القبض في حالة جهله بالفساد ليس من قبيل التصرّف لوضوح الفرق بين الأمرين ثم ان بعض من تأخر وافق (المصنف) (رحمه الله) في ردّ هذا القول بأن الاذن انما صدر مقيدا بكونه في ضمن البيع فينتفي بانتفائه كما هو الشأن في كلّ مقيّد من الانتفاء بانتفاء قيده الا انه استدرك صورة و هي ما لو كان مقصود المالك بقاء المال عند من باعه منه في (الظاهر) و لم يكن مقصوده البيع حقيقة الا انه احتال لبقائه عنده ببيعه منه في (الظاهر) فإن الإذن (حينئذ) موجود و أنت خبير بان ذلك خروج عن الفرض لان الكلام انّما هو في قصد البيع حقيقة و اين مثل ما ذكره مما نحن فيه هذا و قد وجه بعض المعاصرين كلام الشيخ في صورة علمهما بالفساد حيث قال و اولى بالمنع دعوى ان ذلك بإذنه لأنه قد دفعه اليه باختياره لوضوح انّه انما ملكه إيّاه عوضا من ماله و لم يسلم له شرعا و المفروض عدم قصد التمليك بغير السّبب المخصوص و عدم قصد اباحة التصرّف بدون ملك و عدم قصد كونه امانة عنده على جهة الوديعة و نحوها و عدم حصول القطع بالرضا بالإمساك أو بالتصرّف بل و عدم حصول الظنّ المعتبر شرعا بذلك كي لا يجب عليه الرّد فورا و يباح له الإمساك الى ان يطالبه المالك به و لكن الاتصاف انه مع علمهما بالفساد لا ينكر حصول أحد هذه الأمور سيّما بالنّسبة إلى مجرّد الإمساك بل لو ردّه فورا الى المالك لا تكره عليه بل لو علل ذلك بعدم رضاه بالإمساك لعدّه سفيها غير عارف بالخطابات و لعله لهذا قبل بعدم الإثم في إمساكه كما عن طاهر (المبسوط) معللا بأنه قد قبضه باذن مالكه بل عن (السرائر) و غيرها التّصريح بذلك بل عنها (أيضا) نسبته إلى الأصحاب و حملها على صورة الجهل خاصة لنفى العقاب معها بعيد جدا ان لم يقطع بعدمه انتهى و لا يخفى ما فيه من مواقع النظر اما أولا فلان حصول أحد الأمور المذكورة و ان كان موجبا لإباحة الإمساك الا ان ذلك خروج عن الفرض لان الكلام انما هو في المبيع بالبيع الفاسد من حيث هو و الا فعند حصول العوارض الخارجية المبيحة لا مجال لإنكار الإباحة و قد تقدم الإشارة إليه سابقا (أيضا) و امّا ثانيا فلان قوله لعدّه سفيها غير عارف بالخطابات ممّا لا أصل له و هو واضح إذ لا مقتضى للسّفه في هذا المقام

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست