responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 268

في المسئلة عن ابن إدريس (رحمه الله) في باب البيع و عن العلامة (قدس سرّه) في (المختلف) و سنذكر عبارته في التنبيه السابع في ذيل قول (المصنف) (رحمه الله) ثم انهم اختلفوا في تعيين القيمة (انتهى)

[الكلام في النبوي المشهور على اليد ما أخذت إلخ]

قوله و يدل عليه النبوي (المشهور) على اليد ما أخذت حتى تؤدى

الكلام في هذا الحديث يقع تارة بالنّظر الى سنده و اخرى بالنظر الى دلالته امّا الأوّل فقد أشار (المصنف) (رحمه الله) الى ما يجبره بل عن شرح (القواعد) انه مجمع على مضمونه فشهرته تغني عن النظر الى سنده و امّا الثاني فجمل القول فيه انه لو أريد به ما يقتضيه مواقع ألفاظه على قانون الوضع كان معناه ان ما هو مقبوض باليد و مأخوذ بها فهو فوقها ما دامت قابضة له فإذا أدته إلى غيره خرج عن كونها فوقها و هذا معنى بديهي لا يليق بالنّبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بيان مثله فلا بد من صرفه الى غيره و بعد ملاحظة ان مقتضى شأنه انّما هو بيان الأحكام لا بد من صرفه الى خصوص ما كان من غير البديهيات حكما شرعيّا وضعيا كان أم تكليفيا و ذلك يتم ببيان أمرين أحدهما ان اليد هنا عبارة عن صاحبها باعتبار الاستيلاء أو القهر و الغلبة و الأوّل أعمّ من الثاني و إرادته من اللفظ أظهر يعنى على المستولي على شيء ضمانه و هذا نظير التعبير عن الرؤية بالعين و عن الترجمان باللسان و عن المستمع خصوصا عند المبالغة في كمال استماعه بالاذن و ثانيهما انه لما كان الوصول المذكور فيه عبارة عن الذات و ليست صالحة لتعلّق الحكم الشّرعي بها فلا بدّ هناك من تقدير فعل متعلّق بالذات حتى يتعلّق به الحكم الشّرعي كالحفظ و الضمان و الرّد و الأداء و (حينئذ) فقد يتخيل انه يجب الحكم بالإجمال هنا لدوران الأمر بين الأفعال المذكورة و لا مرجح لبعضها على بعض لكن التحقيق كما وقع الإشارة إليه في كلام بعضهم هو ان الأخيرين غير صالحين للتقدير في هذا المقام لعدم ملائمتهما للغاية المذكورة في ذيل الكلام إذ لا معنى لقولنا على اليد أداء ما أخذت أورد ما أخذت حتى تؤدى فتعين أحد الأولين و (حينئذ) نقول ان تحقق مرجح لأحدهما تعين و الا لزم الحكم بالإجمال لان مقتضى تقدير الأوّل هو افادة الحديث للحكم التكليفي و مقتضى تقدير الثاني هو افادته للحكم الوضعي لكن الإنصاف تحقق المرجح لأنا إذا عرضنا مثل هذا الخطاب على العرف لم يسبق إلى أذهانهم سوى كون عهدة المأخوذ باليد و ضمانه عليها و من المقرر في محله انّه ان تيسر تحصيل مراد المتكلم بما يفهمه أهل العرف من خصوص كلامه كان ذلك هو المقصد الأصلي و لهذا يقدم ما يفهمونه من خصوص الخطاب الشخصي على ما يقتضيه القواعد العامة المقررة في مباحث الألفاظ و هذا واضح مضافا الى ما ذكره (المصنف) (رحمه الله) من ان الظرف إذا أسند الى مال من الأموال كان ظاهرا في الحكم الوضعي كما (يقال) عليه دين فان لفظة على (حينئذ) لمجرّد الاستقرار في العهدة عينا كان أو دينا و زاد بعض من تأخر في هذا المقام انه لو كان المقدر هو الحفظ لم يتجه التعبير عن الحافظ باليد لان الحفظ لا يكون بها حتى يبتنى على قاعدة التعبير بما به قوام المعنى كما في التعبير عن الرّؤية بالعين بخلاف الضمان باعتبار أنه يقتضي دفع المضمون به و إعطائه و هو انما يتحقق باليد و ان أعيان العلماء من العامة و الخاصة من قديم الزمان فهموا من الحديث معنى الضمان و استدلوا به عليه و أنت خبير بما فيهما امّا الأوّل فلان التعبير باليد انما هو مبنى على كون قوام الأخذ به و هو كاف في ثبوت نكتة في التعبير بها مع ان قوام معنى الضّمان ايضا بنفسه ليس باليد و إرجاعه إلى الإعطاء و الدفع تكلف بين لا تهتدي إليه الأذهان و امّا الثاني فلما ستعرف من صدور خلافه ممّن هو من الأعيان كالشّيخ و العلامة (قدس سرّهما) هذا و اعلم ان الذي يتحصل من كلمات أصحابنا في كيفية دلالة الحديث و مقدار دلالته طرق أحدها انه يدل على الحكم التكليفي و ان متعلقة انما هو حال بقاء العين و لا يفيد حكم ما بعد تلفها و هؤلاء لهم مسلكان أحدهما انه لا يتحصّل منه الا وجوب ردّ العين في حال بقائها و هذا هو الّذي يعطيه كلام الشيخ (قدس سرّه) في (المبسوط) حيث قال تحريم الغصب معلوم بالأدلة العقلية و بالكتاب و السّنة و الإجماع قال اللّه (تعالى) لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ و الغصب ليس عن تراض و قال اللّه (تعالى) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰالَ الْيَتٰامىٰ ظُلْماً إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً و من غصب مال اليتيم فقد ظلمه و قال (تعالى) وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتٰالُوا عَلَى النّٰاسِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذٰا كٰالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ و ما

أشبه ذلك و روى انس عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) انه قال لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفس منه و روى الأعمش عن ابى و إبل عن عبد اللّه بن مسعود انّ النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) قال حرمة مال المسلم كحرمة دمه و روى عبد اللّه بن السائب عن أبيه عن جده عن النّبي (صلى الله عليه و آله و سلم) انه قال لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادّا و لا لاعبا من أخذ عصا أخيه فليردها و روى يعلى بن مرّة الثقفي ان النّبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال من أخذ أرضا بغير حقها كلف ان يحمل ترابها الى المحشر و روى عنه (عليه السلام) انه قال من أخذ بشرا من الأرض بغير حقه طوقه يوم القيمة من سبع أرضين و روى عنه (عليه السلام) انه قال ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرّجل بما يأخذ مال أخيه بحلال أو حرام و روى عن الحسين عن سمرة انّ النّبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال على اليد ما أخذت حتى تؤدى و الإجماع ثابت على ان الغصب حرام فإذا ثبت تحريم الغصب فالاموال على ضربين حيوان و غير حيوان فامّا غير الحيوان فعلى ضربين ماله مثل و ما لا مثل له فماله مثل ما تساوت اجزاؤه و معناه تساوت قيمة أجزائه فكل هذا له مثل كالحبوب و الادهان و التمور و الاقطان و الخلول التي لا ماء فيها و الأثمان و نحو هذا كله له مثل فإذا غصب غاصب من هذا شيئا فإن كان قائما رده و ان كان تالفا فعليه مثله لقوله (تعالى) فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ و لان مثله يعرف مشاهدة و قيمته تعرف بالاجتهاد و ما يعلم يقدم على ما يجتهد فيه و لأنه إذا أخذ المثل أخذ وفق حقه و إذا أخذ القيمة ربما زاد أو نقص فكان المثل أولى فإذا ثبت انه يضمن بالمثل فان كان المثل موجودا طالبه به و استوفاه و ان أعوز المثل طالبه بقيمته انتهى فان ذكره في عدم أدلة حرمة الغصب دليل على انه فهم منه معنى قولنا على اليد أداء ما أخذت و هو وجوبه و الا فلا يستفاد من ضمان المأخوذ حرمة أخذه و يؤيّده انه استدلّ على ثبوت المثل بقوله (تعالى) فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ (انتهى) و لم يستدل بالحديث المذكور و ان كان يمكن المناقشة في هذا التأييد بأن الاستدلال على ثبوت المثل بالآية انما هو في مقابلة ثبوت القيمة كما ينبئ عنه ما استدل به بعد الآية و أوضح من كلامه في الدلالة على ان المراد به وجوب ردّ المأخوذ ما دام موجودا عبارة العلامة (قدس سرّه) في (التذكرة) حيث قال و بالجملة كل متلف عينا بالمباشرة فإنه ضامن لها يجب عليه ردّ مثلها ان كانت من ذوات الأمثال و ان كانت من ذوات القيم وجب عليه القيمة لقوله (تعالى) فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست