responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 250

التشاجر لا يليق بشأن العلماء الاعلام مضافا الى ان البحث عن ان القبول بوصف انه قبول هل يمكن تقدّمه عليه أم لا ليس من مباحث الفقهاء لكون حكمه الإمكان و عدمه العقليّين و الذي يعود الى المسئلة الفقهيّة هو انّ ما يؤتى به للقبول هل يصحّ ان يتقدّم على الإيجاب و ينعقد به العقد أم لا فان هذا هو الّذي يصير بحثا عن فعل المكلّف الذي هو العقد و كذا ما ذكره ذلك البعض من ان الإيجاب عبارة عن النقل و الإعطاء لما عرفت من ان الإيجاب عبارة عن الإثبات و الإيقاع ثم ان بعض المعاصرين بعد ان نفى الفرق بين ألفاظ القبول على القول باشتراط تقديم الإيجاب عليه ذكر انه على القول بعدم الاشتراط (أيضا) قد (يقال) انه (كذلك) و ذكر ما قلنا انه كلام العلامة الطباطبائي (قدس سرّه) ثم قال و في شرح (القواعد) انه لا فرق بين الجميع و ان كان المنع من قبلت أظهر فتدبر و لكن عن نهاية الأحكام و كشف اللثام و الميسية و (المسالك) و (الروضة) و مجمع البرهان و غيرها المنع من تقديم قبلت و رضيت بل ربما قيل بأنه لا معنى له مع التقديم و عن كثير منها انه لا نزاع فيه و انما النّزاع فيما إذا قال المشترى اتبعت و اشتريت و ملكت و نحوها بل عن (ظاهر) كره الإجماع عليه في النكاح مع عدم الفرق بينه و بين باقي العقود و قد يستدل عليه مع ذلك بأنّه خلاف المتعارف من العقد و بأنه هو الفرع و المضاف و التابع للإيجاب فلا يعقل تقدمه عليه و ذلك لان القبول الذي هو أحد ركني العقد ليس المراد منه مجرد الرضا بالإيجاب حتى (يقال) بان الرّضا بشيء لا يستلزم تحقق فعله فقد يرضى الإنسان بالأمر المستقبل بل المراد منه الرضا بالإيجاب على وجه يتضمن إنشاء نقله ماله في الحال الى الموجب على وجه العوضية لأن المشتري ناقل كالبائع و هذا لا يتحقق الا مع تأخّر الرضا عن الإيجاب إذ مع تقدّمه لا يتحقق النقل في الحال فانّ من رضى بمعاوضة ينشئها الموجب في المستقبل لم ينقل في الحال ماله الى الموجب بخلاف من رضي بالمعاوضة الّتي انشئها الموجب سابقا فإنه يرفع بهذا الرّضا يده عن ماله و ينقله الى غيره على وجه العوضيّة و فيه ان تقديمه باشتريت و نحوها خلاف المتعارف ايضا فلا جهة للفرق بينهما بذلك كما ان لفظة اشتريت مثلا انما تكون قبولا لدلالتها على معنى قبلت و الا فهي صالحة للإيجاب (أيضا) و لذا قيل كما عن مجمع البرهان و غيره انه يصير المشترى موجبا و البائع قابلا الا انه خارج عن محل البحث إذ هو في تقديم القبول حقيقة على الإيجاب حقيقة لا في جعل المشترى موجبا و البائع قابلا فإنه مما لا مساغ لإنكاره و من المعلوم ان الحروف مما لا دخل لها في المنع و انما المانع هو المعنى المشترك بين الجميع فالفرق بينها و بين غيرها لا (يخلو) عن تحكم كدعوى انها غير صالحة لإنشاء تملك المثمن بالثّمن فلا يصحّ تقديمها عليه بخلاف اشتريت مثلا فإنها صالحة لذلك فيصحّ تقديمها عليه فتكون قبولا لتضمّنها لمعناها في الجملة أو لمشابهتها لها و ان لم يكن فيها معناها أصلا و رأسا لأنها مرادفة لها و دالة على تمام معناها المستلزم لعدم صحّة تقديمها كقبلت مع انها ان تمّت لزم منها عدم كون تقديم اشتريت من محل النّزاع و كانت قريبة من مقالة المقدس (رحمه الله) ان لم تكن هي هي إذ لا يخفى ان النزاع انما هو في جواز تقديم القبول حقيقة و عدمه لا في جواز تقديم اشتريت التي هي من الألفاظ القبول عندهم مع إخراجها عن القبول و جعلها إيجابا أو قريبة من الإيجاب بأن يراد بها إنشاء ملكية مال صاحبه لنفسه بإزاء ماله الّذي به يصير مشتريا بخلاف البائع فإنه ينشأ ملكية ماله لصاحبه بإزاء مال صاحبه ففي الحقيقة هما سواء في إنشاء المعاوضة بل قد (يقال) بأنه لا إشكال (حينئذ) في الجواز و احتمال لفظية النزاع بان يريد المانع صورة قصد القبول منها خاصة و يريد المجير صورة عدم قصده بعيد جدا ان لم يقطع بعدمه بل (الظاهر) ان النّزاع انّما هو مع قصد القبول منها مع احتمال كونه مع عدمه (أيضا) الّا انّه بعيد جدا هذا و قد يشكل الجواز مع عدمه بالإجماع على اعتبار القبول في العقد و لا قبول مع التقديم باعتراف الخصم و دفعه بأنّ المسلم من الإجماع انما هو اعتبار القبول من المشترى بالمعنى الشامل للرضا بالإيجاب و امّا وجوب تحقق مفهوم القبول المتضمّن للمطاوعة و قبول

الأثر فلا مدفوع بان لا مجال لإنكار كونه على اعتبار القبول الحقيقي فإن كان ذلك المعنى العام هو الحقيقي فلا بأس بتأديته بقبلت ايضا و ان لم يكن هو المعنى الحقيقي فلا دليل على كفايته ان لم تدع الإجماع على عدمها (فتأمل) جيدا انتهى و لا يخفى ما فيها من مواقع النظر اما الأوّل فهو ما ذكره من كون تقديم اشتريت مثل تقديم قبلت في كون الجميع خلاف المتعارف و قد تقدم تفصيله فلا نعيد و امّا الثاني فهو ما ذكره من ان محل النزاع انّما هو تقديم القبول حقيقة على الإيجاب حقيقة لا جعل المشترى موجبا باعتبار من الاعتبارات و جعل البائع قابلا (كذلك) و بنى عليه وجوها من الإيراد على (المصنف) (رحمه الله) لأنك قد عرفت ان القبول حقيقة ليس الا ما لحق الإيجاب و كان مطاوعة له ضرورة ان الكلام انما هو في قبول العقد الّذي هو ركن فيه و هذا ممّا لا يعقل تقدّمه و ليس قابلا لان يتنازع فيه أعيان الفقهاء قديما و حديثا و من الغريب افحام قوله و من المعلوم ان الحروف ممّا لا دخل لها ضرورة انه لم يتوهم أحد ان الفرق بذلك الاعتبار و لا أشعر به قول (المصنف) (رحمه الله) و لا وقع في كلامه ما هو مبنى عليه و انما ذكر (المصنف) الفرق بحسب المعنى كما عرفت و أغرب منه انه ادعى ان المانع من التقديم هو المشترك بين جميع ألفاظ القبول و فرع عليه ان الفرق بين قبلت و غيره تحكم فليت شعري كيف لا يكون دعواه ان المانع من التقديم هو المشترك بين الجميع تحكما و يكون تفرقة (المصنف) (رحمه الله) وفاقا لجماعة من الأعيان تحكما مع اعترافه بأن أكثرهم قالوا ان محل النّزاع انّما هو غير قبلت و هو يدلّ على ان المانع ليس هو المشترك و ان بحثهم من تقديم ما يقع قبولا في العقد بحسب متعارف أهل العرف و ان كان المانع اشتمالها كلا أو بعضها على معنى مانع غير معنى القبول فالقبول جامع بينها في العنوان لا انّه علّة للحكم و الا فالقبول الّذي هو المعتبر في العقد ركنا عندهم لا يعقل تقديمه و لا أقل من قيام هذا الاحتمال المؤيد بعدم قابلية القبول بوصف كونه قبولا للتقديم عقلا فيكون دعواه ان محل البحث انما هو عنوان القبول تحكما ضرورة انه ليس بأولى ممّا ذكرناه من الاحتمال و امّا الثالث فهو انّه جعل من قبيل التحكم ما افاده (المصنف) (رحمه الله) من ان لفظة قبلت غير صالحة لإنشاء تملك المثمن بالثمن فلا يصحّ تقديمها عليه بخلاف اشتريت و ذلك لان ما افاده لا يتوقف الّا على مجرّد التنبيه الى ان مجرّد الالتفات الى مفاهيم الألفاظ الجارية في القبول يكفي في الإرشاد إلى الفرق بينهما بما ذكره و امّا الرابع فهو انه فرّع على الفرق الّذي أفاده (المصنف) (رحمه الله) على تقدير تمامه ان يكون تقديم اشتريت خارجا عن محلّ النّزاع و ذلك لان مجرّد قيام دليل على مطلب نظري

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست