responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 194

فمع تحقق بيع اللّحم بالحنطة لا يعقل شراء تلك الحنطة المأخوذة ثمنا لدخولها في ملكه بعنوان العوضيّة و الثّمنية فلا يعقل شراؤها (حينئذ) نعم لو كانت هناك أشياء أربعة لوحظ بيع أحدها بالاخر و لوحظ شراء الثالث بالرابع كان تحقق البيع و الشّراء (حينئذ) معقولا و الّا فلا فتحققهما بالنّسبة إلى شيئين أحدهما عوض و الأخر معوّض غير معقول فحال تحقق مفهوم البيع بالنّسبة إلى اعتبار العوض ليس الا مثل مفهوم الأب بالنّسبة إلى الابن و بالعكس و دعوى انّهما لما كان لا يصحّ وقوعهما في حال واحد حقيقي فلا بد من وقوعهما في حال عرفي غاية ما في الباب ان يكون المؤثر في الواقع هو السّابق حقيقة واضحة السّقوط ضرورة عدم تحقق معنى للبيع بدون الثّمن فيستحيل تحققه بدنه و الا لخرج الشيء الّذي هو مفهوم البيع عمّا هو عليه و مع تحقق بيع شيء بآخر لا يعقل شراء الأخر به بإنشاء واحد و لو عرفا و مع فرض كون السّابق مؤثر الا يبقى وجود للآخر لانّ وجود الأخر أيضا عبارة عمّا كان مؤثّرا للنّقل فمع فرض عدم التّأثير لا وجود لذلك المفهوم و دعوى تصحيح ما ذكره ذلك البعض بان القبول لما كان مؤخرا عنهما و لا يتم شيء منهما قبل القبول فلذلك صحّ من الموجب إنشاء البيع و الشراء دفعة كما صدرت منه لا وجه لها لعدم قابليّة أصل المفهوم فتدبّر فان قلت إذا كان معنى البيع هو التّمليك بعوض فمن يقول بعت اللحم بالحنطة يصير معنى كلامه أعطيت اللحم و أخذت الحنطة فهو مشتمل على أخذ ضمني قد أبرزه من قال بعت اللحم بالحنطة و اشتريتها به فبهذا الاعتبار يكون بايعا و مشتريا قلت هذا واضح الفساد لان ذلك المعنى الضّمني الّذي ابرز لو كان معنى يعبر عنه بالشّراء كان اللازم تحقق كون كل منهما بايعا و مشتريا بمجرد قوله بعت كذا بكذا مع قول الأخر قبلت البيع ضرورة أنّ الإبراز لا يجعل ما لم يكن مؤثرا قبل مؤثرا بالفعل فعلى هذا يسرى تحقق كونه بايعا و مشتريا في جميع افراد البيع هذا و لا يخفى عليك ان ما أوردناه على ذلك البعض من النظر في كون إنشاء واحد بيعا و شراء بل المنع منه ليس واردا على (المصنف) (رحمه الله) حيث جعل أحد الوجوه الأربعة كونه بيعا و شراء و ذلك لان مبنى كلامه (رحمه الله) غير ما جعله ذلك البعض مبنىّ فإنه (رحمه الله) بنى صدق البيع و الشراء على التعريفين اللّذين وقع كلّ منهما في كلام بعض أهل اللّغة أحدهما تعريف البيع و الأخر تعريف الشراء فصدقهما على إنشاء واحد انّما هو باعتبار تعريفيهما فافهم ثمّ ان بعض المعاصرين بعد ان حكى كلام (المصنف) (قدس سرّه) فذكر الصّور الأربع التي قررها و الوجوه الأربعة الّتي أجراها في الصّورتين الأخيرتين ذكر ما لفظه و لعل هذه الوجوه جارية فيها يعني المعاطاة مع كون مجموع العوضين منهما يعنى من الدراهم و الدّنانير ايضا لاتحاد المناط و قد (يقال) بأن الّذي يساعد عليه العرف و اللّغة و الشّرع ان الموجب هو البائع و القابل هو المشترى (مطلقا) و ان كان أحد العوضين من الدّراهم و نحوها على نحو البيع بالصّيغة فإن تميّز ذلك و لو بالقرائن فلا اشكال و الا فلا يبعد كون الدّافع أولا موجبا و القابض (كذلك) قابلا (مطلقا) ايضا و ان اقترن الدّفع و القبض منهما للعوضين معا فلا مرجع الا الى قصدهما فلو لم يقصدا ذلك أصلا ففي صحّتها اشكال بناء على انّها بيع كما هو محط النظر فتدبر هذا و وجه الوجه الأوّل ان تم فهو جار في الصّورتين الأوليين أيضا و الفرق بينهما و بين الأخيرتين لا (يخلو) من تحكم و غلبة كونها ثمنا من القابل الّذي هو المشترى غير قاضية بكون صاحبها (مطلقا) و ان كان دافعا أولا قابلا لا عرفا و لا لغة بل قد (يقال) بجريان وجه باقي الوجوه فيهما أيضا (فتأمل) جيدا انتهى و يعرف ممّا قدّمنا صحيحة و سقيمه فتدبر

الأمر الرابع [أقسام المعاطاة بحسب قصد المتعاطيين]

[أحدها تمليك بإزاء المال]

قوله أحدها ان يقصد كل منهما تمليك ماله بمال الأخر

أراد (قدس سرّه) بهذا القسم ما لو كانت المقابلة بين المالين دون التمليكين كما هو مناط الوجه الثاني كما ستعرفه ثمّ ان هذا العنوان يتصوّر على وجوه لانه امّا ان يقصد كلّ منهما الإنشاء بإعطائه و دفعه فينشئ الأوّل به تمليك ماله بإزاء مال الأخر و ينشئ الأخر (أيضا) بدفعه و إعطائه تمليك ماله بإزاء مال الأوّل و اما ان يقصد الأوّل بإعطائه إنشاء تمليك ماله بإزاء مال الأخر فيقصد الأخر بأخذه مال الأوّل قبول ذلك المال و تمليك مقاله بإزائه و هذا هو الّذي قصد (قدس سرّه) بيانه هنا و لم يتعرض للاوّل و كان إهماله لوضوحه ثمّ انّه على كل من التقديرين امّا ان يكون من قصدهما خصوص التمليك الحاصل بالبيع بان يقصد البيع أو يكون من قصد كل منهما مجرّد المقابلة بين المالين (مطلقا) على وجه التّمليك (مطلقا) من دون تقييد بخصوص قصد البيع و يحصل من ملاحظتهما مع الأولين أقسام أربعة امّا القسم الأوّل المقصود به البيع فهو المعاطاة المتعارفة التي قد عرفت انّها بيع و امّا القسم الأوّل المقصود به مجرّد المقابلة بين المالين من دون قصد الى خصوص البيع بل الى مطلق التّمليك فتوضيح المقال فيه انه لم يثبت شرعية مثل هذه المعاملة لعدم دليل على ذلك لان الثابت من العمومات و الأدلة انّما هي الإشارة إلى العنوانات الخاصّة المعهودة و ظاهر كلمات الفقهاء (رضي الله عنه) انه لا بدّ من قصد العنوان في كلّ نوع من أنواع العقود ففي البيع لا بدّ من قصد البيع و في الإجارة لا بد من قصد الإجارة و في الصّلح لا بدّ من قصد الصّلح و هكذا فلا يقع شيء من أنواع المعاملات الا بعد قصد ذلك النّوع بخصوصه و هذا ان لم يقم عليه دليل بخصوصه كالإجماع مثلا ان أمكن تحصيله أو كونه المتبادر من العمومات فلا أقل من كونه هو القدر المتيقن ممّا ثبت في الشرع و ان غيره لم يثبت فينفيه الأصل و لكن منهم من حكم بالصحّة و هو مبنىّ على وجوه أحدها ما يظهر من (المصنف) (رحمه الله) في تعريف البيع بل هو صريحه من انّ تمليك عين بعوض لا يكون الا بيعا فهو هو لا يتعداه الى غيره و لذا عرف البيع بأنه إنشاء تمليك عين بمال ثمّ قال نعم يبقى عليه أمور منها انه موقوف على جواز الإيجاب بلفظ ملكت و الا لم يكن مرادفا له و يردّه انّه الحقّ كما سيجيء و قال هناك بعد التّعرض للهبة المعوّضة ما لفظه فقد تحقق ممّا ذكرنا ان حقيقة تمليك العين بالعوض ليست الّا البيع فلو قال ملكتك كذا بكذا كان بيعا و لا يصحّ صلحا و لا هبة معوّضة و ان قصدهما إذا التّمليك على جهة المقابلة الحقيقيّة ليس صلحا و لا هبة معوضة فلا يقعان به الى ان قال فما قبل من ان البيع هو الأصل في تمليك الأعيان بالعوض فيقدم على الصّلح و الهبة المعوّضة محلّ تأمّل بل منع لما عرفت

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست