responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 19

و ذلك لان ما ذكره من الأول إلى الطهارة موجود هنا ايضا و ان كان أصل التعليل محلّ نظر عندنا من جهة ان الأصباغ المعرضة للبيع لا تؤل إلى الطهارة و انما يؤل إليها الثياب المصبوغة هذا و لو لا قوله بل ذلك هو المقصود منها لكان القائل ان يقول ان مراده (رحمه الله) هو ان نفس الأصباغ قابلة لان تجفف ثم تغمس في الماء كما يفعل بالكوز و الخشب المتنجسين و نحوهما مما تسرى النجاسة إلى أعماقه فيلزم في تطهيره وصول الماء إليها و كيف كان فلم نجد مصرحا بالجواز و ان استظهره (المصنف) (رحمه الله) فيما سيأتي من مسئلة الأصالة الانتفاع بنجس العين أو العكس من قول الشّهيد الثاني (رحمه الله) في الروضة و الدّم و ان فرض له نفع حكمي كالصبغ

[فرع حكم بيع الدم الطاهر]

قوله و اما دم الطاهر إذا فرضت له منفعة محلّلة كالصبغ لو قلنا بجوازه ففي جواز بيعه وجهان اقويهما الجواز لأنها عين طاهرة ينتفع بها منفعة محللة (انتهى)

أورد عليه بوجوه الأوّل ان تقييد الصبغ بقوله لو قلنا بجوازه لا يظهر له وجه إذ ليس جوازه ممّا يكون للريب فيه مجال فان النجس يدخل في عنوان عموم النهى عن التقليب في النجس بخلاف الدم الطاهر فليس هناك عموم يدل على المنع فالصبغ به داخل تحت أصالة الإباحة كأكل التفّاح و أمثاله الثاني ان تعليل الجواز بأنها عين طاهرة ينتفع بها في مقابل إطلاق تحريم الدّم بضميمة قوله (عليه السلام) ان اللّه إذا حرم شيئا حرم ثمنه أشبه شيء بالتمسك بالأصل في مقابل الدّليل بل مندرج تحت ذلك العنوان بعينه الثالث ان ما ذكره من ان قصد المنفعة المحرمة في المبيع موجب لبطلان البيع ممنوع إذا لم يقم عليه دليل الا ترى انه لو قصد بايع الحنطة ببيعها احتكار مشتريها لم يصح لأحد ان يحكم ببطلان البيع و امّا مثل بيع العنب ليعمل خمرا فهو منصوص و كلامنا في غير موارد النص من حيث ان مجرد قصد المنفعة المحرمة من المبيع موجب لبطلان البيع فنحن نطالب بالدّليل عليه و يمكن دفع الأول بأن المفروض إذا صار من قبيل أكل التفاح و نحوه ينشأ إباحته من أصالة الإباحة فخلافهم في ان مقتضى الأصل هو الإباحة أو الحظر كاف في وجه صحة التقييد بقوله لو قلنا بجوازه و الثاني بأن (المصنف) (رحمه الله) اعتبر في تحريم البيع تحريمه بقول مطلق و جعل مآل ذلك الى أحد الأمرين من تحريم جميع منافعه أو تحريم أهم منافعه الذي يتبادر عند الإطلاق بحيث يكون غيره غير مقصود و قال انه على التقديرين يدخل الشيء لأجل ذلك فيما لا ينتفع به منفعة و فيما نحن فيه ليس تحريم الدّم مرادا به تحريم جميع منافعه و انما المراد به خصوص تحريم اكله و ليست المنفعة التي هي الصبغ به و التسميد به من قبيل ما لا يقصد به أصلا بحيث يصير بعد تحريم اكله مما لا ينتفع به بالمرة فتأمل و الثالث بان المراد بما ذكره (المصنف) (رحمه الله) من ان قصد المنفعة المحرمة موجب لبطلان البيع انما هي المنافع التي هي من خواص المبيع و منافعه المختصة به و قد وقع التصريح بالفرق بين قصد المنفعة المحلّلة و المحرمة و انه يصحّ البيع على الأول دون الثاني فيما لو كان المبيع مشتملا على الجهتين في رواية تحف العقول فالنقض عليه بمثل الاحتكار مما لا مساس له بالمقصود ثم ان الأقوى هو الوجه الثاني أعني عدم جواز بيعه بدلالة قوله (تعالى) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ بضميمة قوله (عليه السلام) ان اللّه إذا حرم شيئا حرم ثمنه و إطلاق مرفوعة الواسطي من جهة نهى أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بيع الدم الشامل لقسميه النجس و الطاهر بل قد وقع النهى فيها عن خصوص بيع الدم الطاهر و هو الطحال الّذي بيّن (عليه السلام) كونه و ما و ذلك لان (المصنف) (رحمه الله) لم يذكر تمام الحديث و قد ذكر فيه بعد الطحال ما صورته و النّخاع و الخصى و القضيب فقال له بعض القصابين يا أمير المؤمنين ما الطحال و الكبد الّا سواء فقال له كذبت يا لكع ايتني بتورين من ماء أنبئك بخلاف ما بينهما فاتى بكيد و طحال و تورين من ماء فقال شقوا الكبد من وسطه و الطحال من وسطه ثم أمر فمرسا في الماء جميعا فابيضت الكيد و لم ينقص منها شيء و لم يبيض الطحال و خرج ما فيه كله و صار دما كله و بقي جلد و عروق فقال له هذا خلاف ما بينهما هذا لحم و هذا دم

قوله و صرّح في التذكرة بعدم جواز بيع الدّم الطاهر لاستخباثه

قال (رحمه الله) و الدم كله نجس فلا يصح بيعه و كذا ما ليس بنجس منه كدم غير ذي النفس السائلة لاستخباثه انتهى و فيه نظر لان الخبيث عبارة عما تستكرهه النفس و تستقذره مع قطع النظر عن تحريم الشارع فالاستكراه بملاحظة نهى الشارع لا يوجب الخباثة ألا ترى ان لحم الخنزير بل لحوم الحمير المكروهة مما تستكرهه النفس لكن هذا الاستكراه ناشىء من الف النفس بالشرع و نهى الشارع و كذا الحال في الخمر و على هذا نقول ان الدم مع قطع النظر عن الشرع ليس بخبيث

[المسألة الرابعة في حرمة بيع المنى لنجاسته و عدم الانتفاع به]

قوله لا إشكال في حرمة بيع المنى لنجاسته و عدم الانتفاع به إذا وقع في خارج الرحم

اعلم ان المنى على ما يستفاد من كتب اللغة إنما يقال على ما خرج من مخرجه الأصلي الّذي هو رأس الذكر و لا يسمى ماء الفحل قبل خروجه منه منيا لأنه مأخوذ من قولهم منى و امنى إذا أراق و لا يصدق الإراقة الا بخروجه من المخرج قال في المصباح في وجه تسمية منى الذي هو أحد المشاعر ما لفظه و سمى منى لما يمنى به من الدماء اى يراق الى ان قال و المنى معروف و امنى الرجل أمناء أراق منيّه و منى يمنى من باب رمى لغة و المنى فعيل بمعنى مفعول و التخفيف لغة فيعرب أعراب النقوص انتهى و لهذا ذكر (المصنف) (رحمه الله) قسمين بحسب حالتيه بعد الخروج و هما وقوعه في خارج الرحم و وقوعه فيه و حكم بالنجاسة في كلتا الحالتين و لم يتعرض لجعل ما قبل الخروج بعنوان كونه من أقسام المنى بحسب أحواله لما عرفت و لعدم صحة الحكم بالنجاسة فيه نعم لما كان الماء الفحل (مطلقا) سواء سمى منيا أم لا حالة اخرى و هي ما بعد تحركه من المبدء قبل ان يستقر في الرحم و كان يسمى عسيبا على ما يراه بعضهم تعرض له بعد الفراغ عن البحث عن حكم المنى بقسميه

قوله و لو وقع فيه (فكذلك) لا ينتفع به المشتري لأن الولد نماء الأم في الحيوانات عرفا و للأب في الإنسان شرعا

يعنى انه لو وقع في الرحم كان ايضا ممّا لا ينتفع به المشترى و ان انتفع به غيره و هو مالك التي وقع في رحمها فقوله لا ينتفع به المشترى بيان لقوله (فكذلك) و الاقتصار على هذا وحده مع ذكره فيما وقع في خارج الرحم النجاسة و عدم الانتفاع جميعا لعدم كون الأمرين جميعا مسلما عند الجميع فأراد تحرير المقصود على وجه ينم على مذاق من يرى طهارته في هذه الصورة فاستند الى التعليل الّذي ذكره جماعة من كون الولد نماء الام ثم اعرض عنه فبين ان المتعين هو التعليل بالنجاسة و ان دخل من الباطن في الباطن لكون ذلك هو الّذي بنى عليه و اختاره ثم استدرك قول بعض من منع من النجاسة في هذه الصّورة و لا يخفى عليك ان هذا التعليل انما يتم في صورة شراء غير صاحب الأنثى التي وقع المني في رحمها و الا فلو فرض شراء صاحب الأنثى المذكورة إياه بعد وقوعه في رحمها لم يجر هذا التعليل و هو ان المشترى لا ينتفع به معلّلا بان الولد نماء الأم في الحيوانات عرفا و انّه لا يبقى فيه مالية عرفية حتى يصحّ نقله لذلك الى من يريد شرائه

قوله لكن الظّاهر ان حكمهم بتبعية الام متفرع على عدم تملك المنى و مقتضى التفرع ان عدم تملك المني

علة لكون الولد نماء الأم في الحيوان فلا يصحّ ان يكون هو علة لعدم الانتفاع الذي هو عبارة أخرى عن عدم التملك

قوله لكن قد منع بعض من نجاسته إذا دخل من الباطن الى الباطن

هو صاحب مفتاح الكرامة (رحمه الله) قال و ليست نجسة ما لم تظهر الى خارج الفرجين على الظاهر فتأمل انتهى

قوله و قد ذكر العلامة (رحمه الله) من المحرمات بيع عسيب الفحل و هو ماءه قبل الاستقرار في الرّحم كما ان الملاقيح هو ماؤه بعد الاستقرار كما في جامع المقاصد

لما فرغ من البحث عن حكم المنى بقسميه باعتبار حاليته و كان لماء الفحل حالة اخرى و هي ما بعد تحركه من المبدء الى ان يستقر في الرحم استقراره المعتاد و ما بينهما من حالة جريانه في مجاري ذكر الفحل و فرج الأنثى تعرض لذلك بهذه العبارة و وجه اختيار إسناده

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست