responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 108

واحد بعدم الاطلاع على دليل له و ببالي انهم استندوا في ذلك الى رواية العامة عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) انه كان واحد من أصحابه يفعل الحداء بحضرته و هو (صلى الله عليه و آله و سلم) يسمع و بعد ذلك يترحم عليه و ببالي انهم رووا انه زاد المسافرين أو انه نعم الزاد لهم و في الاستناد إليهما إشكال و على تقدير القول بالاستثناء يختص بالإبل كما هو مدلول اللفظ و الخبر لو كان فلا يتعدى الى الخيل و البغال و الخمير انتهى

[الثاني استثناء غناء المغنية في الأعراس]

قوله الثاني غناء المغنية في الأعراس

اعلم انه قد صرح جماعة باستثناء غناء المرأة في الأعراس في خصوص ليلة الزفاف دون ما تقدمها من الأوقات بشرط ان لا تتكلم بالأباطيل و لا بالكذب و لا تعمل بالملاهي و لا يدخل عليها الرجال و لا يسمع صوتها الأجانب و قد حكى عن الشيخين و غيرهما إباحته لكن عن القاضي الحكم بالكراهة قال المحقق الأردبيلي (رحمه الله) في شرح الإرشاد و قد استثنى (أيضا) فعل المغنية في الأعراس إذا لم تتكلم بالباطل و الكذب و لم تعمل بالملاهي التي لا يجوز لها و لم يسمع صوتها الأجانب و يمكن التحريم من جهة الكذب و العمل باللهو فقط لا الغناء و كذا الاستماع و يدلّ عليه الاخبار مثل صحيحة أبي بصير قال قال أبو عبد اللّه أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس و ليست بالتي يدخل عليها الرجال و رواية حكم الحناط المجهول عن ابى بصير عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال المغنية التي تزف العرائس لا بأس بكسبها و رواية على بن أبي حمزة عن أبي بصير قال سئلت أبا جعفر (عليه السلام) عن كسب المغنيات فقال الّتي يدخل عليها الرجال حرام و الّتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس و هو قول اللّه عز و جلّ وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ قال الشيخ فالرخصة مخصوصة بمن لا يتكلم بالأباطيل و الفحش و لا يلعب بالملاهي من العيدان و أشباهها بل تكون ممن يزف العرائس و تتكلم عندها بإنشاد الشعر و القول البعيد عن الأباطيل و الفحش و اما من عدا هؤلاء ممن يتغنين بسائر أنواع الملاهي فلا يجوز على حال سواء كان في العرائس أو غيرها ثم قال و قال في (شرح الشرائع) بعد استثناء ما ذكرناه و ذهب جماعة من الأصحاب منهم العلامة (رحمه الله) في التذكرة إلى تحريم الغناء (مطلقا) استنادا الى الاخبار المطلقة و وجوب الجمع بينها و بين ما دل على الجواز هنا من الاخبار الصّحيحة متعين حذرا من اطراح المقيد ثم قال و رأيت في التذكرة في هذا المقام قد استثنى العرائس فإنه قال بعدم الحكم بالتحريم و نقل الاخبار فقد ورد رخصة بجواز كسبها إذا لم تتكلم بالباطل و لم تلعب بالملاهي و لم يدخل الرجال عليها ثم نقل الرواية الدالة عليه و لعله في موضع أخر أو يريد بعد استثناء ذلك و كلامه صريح في العدم و (أيضا) ما رأيت الأخبار الصّحيحة في الحداء و لا العرائس نعم يمكن كون خبر ابى بصير صحيحا كما أشرنا اليه مع ان فيه تأملا لاشتراكه و خبر على بن حمزة (الظاهر) انه ضعيف لان (الظاهر) انه البطائني الضعيف الذي هو قائد أبي بصير يحيى بن ابى القاسم بقرينة نقله عن ابى بصير و اللّه يعلم انتهى و قال المولى المحقق البهبهاني (رحمه الله) في حواشي (المسالك) بعد ذكر الرواية الثلث على الترتيب المذكور في كلام المحقق الأردبيلي (رحمه الله) ما نصه و لا يخفى ان الصّحيحة الأولى مختصة بزف العرائس نعم الرواية الأخيرة عامة في العرائس و يمكن ان يكون المراد يدعى الى زفاف الأعراس بناء على انه كان هو المعهود عندهم فلا يكون مخالفة بين روايات ابى بصير فتأمل ثم قال و كيف كان فالاستثناء مختص بالمغنية فلا يشمل المغني انتهى و قال بعض من تأخر انه يمكن اختيار القول بعدم الجواز نظرا الى ان المحكوم به في الاخبار انما هو إباحة الأجر و لا يدل على اباحة الفعل ثم أجاب عن ذلك بثبوت الملازمة شرعا بين حرمة الأجر و حرمة العمل و بين إباحة الأجر و اباحة العمل لكنه بعد ذلك استند الى ضعف الأخبار الدالة على الجواز و لم يتحقق في المقام شهرة تكون هي جابرة لضعف السّند و يظهر وجه الضعف مما حكيناه من كلام المحقق المذكور فلا حاجة الى البيان و زاد على ذلك التمسك بدليل العقل و بيّنه بان الغنا لما كان من قبيل ما يترتب عليه الغفلة عن الحق عزّ شانه و يتفرع منه المفاسد و الميل الى المشتهيات و الرغبة في المحرمات التي هي من قبيل الزنا و اللواط فالعقل مستقل بقبحه و حرمته و معلوم ان أغلب وقوع أمثال هذه المفاسد و المحرمات انما يتفق في الزّحام و اختلاط بعض الأصناف المختلفة من الناس ببعض أخر و من الواضح ان تحقق هذا المعنى في مجالس الأعراس أقوى من غيرها و (حينئذ) نقول كيف يجوز ان يرخص الشارع الحكيم في الغناء الذي حرمة من جهة كونه مثيرا للشهوات موقعا في المشتبهات و المحرمات في المقام الذي هو أقوى مظان تأديته إلى المحرمات و هو مجلس العرس

فنستكشف بهذا الحكم العقلي عن عدم صدور الأخبار المرخصة كما نستدل به على عدم الجواز و انا أقول قد عرفت عدم دلالة العقل على حرمة الغناء و قبحه فلا يتم هذا الوجه المبنى عليه الا ان الاخبار ضعيفة و لم يتحقق شهرة للجواز حتى تكون جابرة فالعمل بعموم ما دل على حرمة الغناء الشامل لهذا المقام و غيره متعين ثم انه ينبغي تكميل القول في المسئلة بالتعرض لأمور الأول انه قد نطق بعض الاخبار و كلمات الأصحاب بحرمة تعليم الغناء و حرمة أجرته امّا الأول فتوضيح الكلام فيه ان تعليم الغناء قد يكون بالفعل بان يغني المعلم حتى يتعلم المتعلم التغني على نمطه و قد يكون بالقول بان يصف المعلم للمتعلم كيفية التأدية امّا الأول فلا إشكال في حرمته لكونه بنفسه غناء و امّا الثاني فلا حرمة فيه الا من باب الإعانة على الإثم لكون تعليمه مقدمة لتعلم صاحبه ضرورة عدم صدور ما هو غناء عنه فلو فرض كون تعلم المتعلّم لمجرد الخبرة و الاطلاع على الفن لا للتغنى لم يكن تعليمه على هذا الوجه الثاني حراما لعدم صدور الغناء من المعلم و عدم إعانته على الإثم و امّا الثاني و هو حرمته الأجرة فذلك مما لا اشكال فيه لما استفدناه من الأدلة الشرعية الناطقة بأن كل ما حرم فقد حرم أخذ العوض عليه و في المنتهى ان تعلم الغناء و الأجر عليه حرام عندنا بلا خلاف لانه فعل محرم فيحرم التوصّل اليه انتهى و لا فرق في حرمة الأجرة بين ما لو تقاطع الآخذ و المعطى على اجرة و بين ما لو لم يتقاطعا الا ان المغني لما غنى عبده أعجبه ذلك فأعطاه شيئا من المال عوضا عن غنائه كما هو المتعارف في مجالس أهل الإنس و الهوى بالنسبة إلى المغني و غيره من أهل الطرب خصوصا في الأعراس فإن غير صاحب المجلس من الجلاس هناك لا يقاطعون المغني و لا غيره و لكنهم كثيرا ما يعطون من يعجبهم تغنيه أو اطرابه فيعطيه شيئا لأنه صدر منه ذلك فيكون هو الداعي إلى الإعطاء فيكون المال في نظر المعطى عوضا عن فعله ثم انه هل يملك المغني ذلك المال أم لا الوجه هو الثاني و ان كان المعطى قد أعطاه عن طيب نفس منه فحاله حال الرشوة التي يعطيها المعطى عن طيب نفس لعدم إمضاء المالك الحقيقي هذا القسم من النقل و هل يضمن الآخذ و هو المغني لو تلف ذلك المال عنده أم لا الوجه هو الثاني لتسليطه عليه بسوء اختياره ثم انه لو غصب ذلك المال غاصب فهل يلزمه ردّه على المغني الذي أخذه من عنده أو يلزمه ردّه الى المالك الوجه هو الثاني لعدم استحقاق المغني لذلك المال و انما هو حق للمعطى باق على ملكه فيجب رده اليه الثاني انه ذكر بعض من عاصرناه انه لا يحرم الغناء على غير المكلفين من الأطفال و المجانين لعدم توجه التكليف إليهم فلا يجب على الأولياء ردعهم عنه فان قلت ان الشارع لا يرضى بلهو الحديث و قول الزور و لو من غير المكلفين كنبش القبور و الزنا و اللواط و الشرب الخمر للاشتمال ذلك كله على جهة مقبحة كما يكشف عنه نهى الشارع قلت غرض الشارع قد يتعلق بنفس الشيء

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست