قَالَ فَنَفَذَ إِلَى قَبْرٍ مَحْفُورٍ مِنْ غَيْرِ يَدٍ تَحْفِرُهُ وَ بَانَ ضَرِيحٌ فِي وَسَطِهِ وَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَنْزِلْهُ إِلَيْهِ يَا هَرْثَمَةُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ سَيِّدِي أَمَرَنِي أَنْ لَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ حَتَّى يَنْفَجِرَ مِنْ أَرْضِ هَذَا الْقَبْرِ مَاءٌ أَبْيَضُ فَيَمْتَلِئَ مِنْهُ الْقَبْرُ حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ مَعَ وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يَضْطَرِبَ فِيهِ حُوتٌ بِطُولِ الْقَبْرِ فَإِذَا غَابَ الْحُوتُ وَ غَارَ الْمَاءُ وَضَعْتُهُ عَلَى جَانِبِ الْقَبْرِ وَ خَلَّيْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَلْحَدِهِ فَقَالَ فَافْعَلْ يَا هَرْثَمَةُ مَا أُمِرْتَ بِهِ قَالَ هَرْثَمَةُ فَانْتَظَرْتُ ظُهُورَ الْمَاءِ وَ الْحُوتِ فَظَهَرَ ثُمَّ غَابَ وَ غَارَ الْمَاءُ وَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ ثُمَّ جَعَلْتُ النَّعْشَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِهِ فَغُطِّيَ قَبْرُهُ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ لَمْ أَبْسُطْهُ ثُمَّ أُنْزِلَ بِهِ إِلَى قَبْرِهِ بِغَيْرِ يَدِي وَ لَا يَدِ أَحَدٍ مِمَّنْ حَضَرَ فَأَشَارَ الْمَأْمُونُ إِلَى النَّاسِ أَنْ هَاتُوا التُّرَابَ بِأَيْدِيكُمْ وَ اطْرَحُوهُ فِيهِ فَقُلْتُ لَا نَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَقَالَ وَيْحَكَ فَمَنْ يَمْلَؤُهُ فَقُلْتُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ لَا يُطْرَحَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ الْقَبْرَ يَمْتَلِئُ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَنْطَبِقُ وَ يَتَرَبَّعُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَأَشَارَ الْمَأْمُونُ إِلَى النَّاسِ أَنْ كُفُّوا قَالَ فَرَمَوْا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ امْتَلَأَ الْقَبْرُ وَ انْطَبَقَ وَ تَرَبَّعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَانْصَرَفَ الْمَأْمُونُ وَ انْصَرَفْتُ فَدَعَانِي الْمَأْمُونُ وَ خَلَّانِي ثُمَّ قَالَ لِي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ يَا هَرْثَمَةُ لَمَّا صَدَّقْتَنِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ) بِمَا سَمِعْتَهُ مِنْهُ قَالَ فَقُلْتُ قَدْ أَخْبَرْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا قَالَ لِي فَقَالَ بِاللَّهِ إِلَّا مَا صَدَّقْتَنِي عَمَّا أَخْبَرَكَ بِهِ غَيْرَ هَذَا الَّذِي قُلْتَ لِي قَالَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَعَمَّا تَسْأَلُنِي فَقَالَ لِي يَا هَرْثَمَةُ هَلْ أَسَرَّ إِلَيْكَ شَيْئاً غَيْرَ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَا هُوَ قُلْتُ خَبَرَ الْعِنَبِ وَ الرُّمَّانِ قَالَ فَأَقْبَلَ الْمَأْمُونُ يَتَلَوَّنُ أَلْوَاناً يَصْفَرُّ مَرَّةً وَ يَحْمَرُّ أُخْرَى وَ يَسْوَدُّ أُخْرَى ثُمَّ تَمَدَّدَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ فِي غَشْيَتِهِ وَ هُوَ يَجْهَرُ وَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنَ اللَّهِ وَيْلٌ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(ص)وَ وَيْلٌ لَهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(ع)وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ(ع)وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيْلٌ لَهُ مِنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَيْلٌ لِلْمَأْمُونِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا(ع)هَذَا وَ اللَّهِ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ وَ يُكَرِّرُهُ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَطَالَ ذَلِكَ وَلَّيْتُ عَنْهُ وَ جَلَسْتُ فِي بَعْضِ