الأولى: تعارض الإذن الصريحة مع مثلها
، و ذلك كما إذا قال عمرو: كل من كان صديقي، فهو مأذون في دخول داري، و قال لزيد الصديق: لا تدخل داري.
و هذا على أقسام: لأنّ عمرا: إما يعلم بصداقة زيد، أو لا يعلم.
فعلى الأول: يخصص زيد من بين الأصدقاء، و لا يجوز له الدخول.
و على الثاني: امّا أن نعلم أن نهي زيد لأجل زعم عدم صداقته، أو لا نعلم السبب.
فعلى الأول: يقدّم الإذن العام؛ لأنّا نعلم أنّ علّة النهي عدم الصداقة بزعمه، و هو منتف واقعا، فكذا النهي، لانتفاء المعلول بانتفاء علته، بل نقول:
لم يتعلّق النهي بزيد أصلا؛ لعدم تحقق علّته فيه. و أيضا شاهد الحال هنا يعاضد الإذن العام، و يوجب القطع بالإذن، و لا يعارض الظن القطع أبدا.
و أيضا نقول: بعد العلم بعليّة عدم الصداقة نعلم تقييد نهيه قطعا، فيكون معناه: لا تدخل إن كنت كما زعمت [1].
و على الثاني [2]: أيضا يقدّم الإذن العام؛ لأنّ نهيه لكونه أمرا حادثا، يكون معلولا لعلّة قطعا، فهو إمّا عدم الصداقة بزعمه، أو أمر آخر.
فإن كان الأول: يكون النهي منتفيا في المورد- كما عرفت- قطعا.
و إن كان الثاني: يكون متحققا.
و ليس استناده إلى أحدهما معلوما بدليل، و لا موافقا لأصل، فلا يعلم تحققه، فلا مخصّص للإذن العام.
فإن قلت: تحقق النهي معلوم، فرفعه يحتاج إلى دليل.
قلنا: المعلوم التلفظ بالنهي. و أما تعلقه بزيد، فغير معلوم؛ لأنّه إن كان
[1] هذا إشارة إلى قوله: إذا زعم زيد أن عمرا عدوه، المتقدم في ص 35، و المعنى: لا تدخل إذا كنت عدوي.
[2] أي: إذا لا نعلم سبب النهي عن الدخول.