اسم الکتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام المؤلف : النراقي، المولى احمد الجزء : 1 صفحة : 200
و إن شئت قلت: إنهما يوجبان التخفيف من اللّه سبحانه، يعني: أنّ العسر و المشقة يوجبان في الواقع أن يخفف اللّه سبحانه الحكم بحيث تنتفي عنه المشقة، كما هو المستفاد من قوله سبحانه وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ[1]وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[2] و من رأفة اللّه سبحانه بالنسبة إلى عباده، و من عدم الاحتياج له حتى يحمّل عباده المشقة، بل كل ما يكلفهم فإنما هو لمصلحتهم.
و لازم ذلك: أن يكون التخفيف في كل مورد لم يستعقب المشقة مرتبة عظيمة يسهل معها تحمّل تلك المشقة، و أما إذا كان كذلك، فمقتضى اللطف و الرأفة: التحميل، و لهذا خصصت العمومات، و وقعت التكاليف الشاقة في الشريعة المقدسة.
و ثانيهما: أنهما أوجبا وقوع التخفيفات السابقة من الشريعة المطهرة، و انتفاؤهما سبب للرخص الواردة في الملة الشريفة.
و الذي يفيد للفقيه في الفروع و وظيفته التكلّم فيه، هو إيجاب نفي العسر و المشقة للتخفيف بالاستعمال الأول، و أما الثاني: فلا يترتب عليه للفقيه كثير فائدة، إذ بعد ثبوت الحكم من اللّه جل شأنه، لا جدوى كثيرا في درك أنه للتخفيف و دفع المشقة.
[ملخص كلام الشهيد في جزئيات قاعدة نفي المشقة]
و قد ذكر شيخنا الشهيد- (قدس اللّه سره)- في قواعده كثيرا من جزئيات قاعدة نفي المشقة و إيجابه لليسر، و لكنه إنما ذكرها على الاستعمال الثاني، أعني: أنه ذكر أحكاما كثيرة ثابتة من الشرع، مناسبة لأن يكون تشريعها للتخفيف و الرحمة، و ذكر أنّ بناء تلك الأحكام و شرعها إنما هو للتخفيف و الرخصة.
و هذه و إن لم يكن في ذكرها كثير فائدة، إلّا التكلم في فروعاتها التي هي من شأن الكتب الفقهية. و لكنا نذكر ملخص ما ذكره تبركا بكلامه و تكثيرا للفائدة.