اسم الکتاب : عبقرية مبكرة لأطفالنا المؤلف : توفيق بوخضر الجزء : 1 صفحة : 252
ومن خلال هذه النظرة السريعة يجب علينا في عالم التربية أن ننظر إلى الطفل ليس في عالم واحد ، بل إلى العوالم الأخرى وفي النشأة الثانية ؛ فمتى كانت التربية ناظرة إلى تلك العوالم كانت التربية صحيحة ، أي أنه يجب أن ننظر إلى الطفل لا بما هو مادة فقط بل بما هو في النشآت الأخر. ومن هنا قال أحد العلماء الأجلاء : إنه ليس من الصعب أن يكون الإنسان عالماً ومن الصعب أن يكون إنساناً.
أقول : وعنى ذلك العالم الجليل أن يكون الإنسان إنساناً كاملاً لا صورة الإنسان فتامل.
النقطة الثانية :
أن الروح لما تنزلت إلى عالم المادة احتاجت إلى ما تستطيع من خلاله في هذا العالم من العمل في العالم المادي فكان الجسد هو آلة الروح في الحياة الدنيا ؛ فإن النفس محبوسة في هذا البدن ، وإن البدن المادي ليس هو الإنسان الحقيقي في تلك المرتبة. ومن هنا نجد الروية تقول « ان الله لا ينظر إلى صوركم بل ينظر إلى قلوبكم » أي إلى حقائق وجودكم. وإن هذا البدن الذي نحن فيه ما هو إلا لبس في عالم الدنيا وعندما نصل إلى مرحلة أخرى ألطف وأرق نخلع لباس البدن المادي ، ويبقى عندنا البدن المثالي الذي هو ألطف من البدن المادي. ومن هنا يجب أن نهتم في حقيقة الإنسان لا ظاهره في عالم التربية ، فقد يكون الإنسان صحيحاً في الجسد المادي إلا أنه في الجسد المثالي وفي عالم التجرد معوق ومشوه.
وهذا واضح جداً ؛ فقد قال الله تعالى عن لسان البعض في يوم القيامة مخاطباً الله سبحانه وتعالى : « ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة اعمى * قال رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيراً » [1].