اسم الکتاب : عبقرية الشريف الرضي المؤلف : زكي مبارك، محمد الجزء : 1 صفحة : 71
الزهو على ذلك الشاعر، ثم أتبعها بالبحث عن أسرار ذلك الاختيال.
و لا أرى موجبا للاشارة إلى جميع المواطن التي زهي فيها بشعره، فقد حدثتكم أنها تزيد على الستين، و إنما أطوف ببعض الاشعار التي تكشف عن تلك الخصلة بوضوح و جلاء.
و أول ما أشير اليه هو إحساسه بأن الشعر دون قدره، و أن نفسه أعلا من أنفس الشعراء و أرفع، و هو يحدثنا أنه يتخذ الشعر وسيلة الى غرضه فيقول:
و ما قولي الاشعار الا ذريعة # الى أمل قد آن قود جنيبه [1]
و اني اذا ما بلّغ اللّه غاية # ضمنت له هجر القريض و حوبه [2]
و يرى سيماه غير سيماء الشعراء فيقول:
و ما الشعر فخري و لكنما # أطول به همة الفاخر
أنزهه عن لقاء الرجال # و أجعله تحفة الزائر
فما يتهدّى اليه الملوك # الا من المثل السائر
و إني و إن كنت من أهله # لتنكرني حرفة الشاعر
و يرى القول دون الفعل فيقول:
مالك ترضى أن يقال شاعر # بعدا لها من عدد الفضائل [3]
كفاك ما أورق من أغصانه # و طال من أعلامه الأطاول
فكم تكون ناظما و قائلا # و أنت غبّ القول غير فاعل [4]
[1] الجنيب و المجنوب: الفرس تقوده إلى جنب فرسك في السباق. فاذا افتر المركب تحولت الى المجنوب. و الذريعة: الوسيلة.
[2] الحوب بالفتح و يضم: الاثم، و هو هنا مضموم الحاء. و هو مجرور بالعطف على القريض
[3] العدد جمع عدة بضم العين و هو ما تتوسل به إلى غرضك.