اسم الکتاب : شعر الكميت بن زيد الاسدي المؤلف : داود سلوم الجزء : 1 صفحة : 44
فالابيات السابقة تكوّن بشكل خاص فلسفته و ربما خلاصة فلسفة بيئته البدوية التي يسود فيها ذوو الرأي الذين يرون التلبث و التصبر حتى لا يجد المرء مناصا لاستعمال القوة للدفاع عن نفسه أو رأيه إذا أجبر على ذلك دون اللجوء الى النظام أو القانون.
و يسجل تجاربه الاخرى و علاقته مع الناس في حالات تتفاوت فيها الفكرة بين الرقي و الاسفاف:
و قد يخذل المولى دعائي و يجتدي # أذاتي و إن يعدل به الضيم أغضب
فأونس من بعض الصديق ملالة الد # نو فأستبقيهم بالتجنب
فهو اذ يظهر استقلالا في تفكيره احيانا قد يحدثك حديث البادية و سلوك أهل البدو:
لعمري لقوم المرء خير بقية # عليه و ان عالوا به كل مركب
اذا كنت في قوم عدى لست منهم # فكل ما علفت من خبيث و طيب
و ان حدثتك النفس انك قادر # على ما حوت أيدي الرجال فجرب
و هو قد يخوض في علاقة الناس به و كرههم له و ما يحدث بينهم من أذى و يحاول أن يرفع ذلك الى مستوى التجربة العامة:
إن يحسدوني فاني لا ألومهم # قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
و هو يؤكد الحقيقة التالية: إن الناس يقولون أكثر مما يفعلون فيما يخص الحرب فكم من مدع بلسانه كاذب الفعل فيها:
الناس في الحرب شتى و هي مقبلة # و يستوون إذا ما أدبر القبل
كل بأمسيها طب مولية # و العالمون بذي غدو بها قلل
و حاول أن يؤكد على حقيقة السن و أثره في سلوك المرء، و عاب على المتصابين لهوهم و عبثهم و بكا الشباب كما لم يبكه شاعر قبله، و هو الذي هيأ هذا الشعر الذي ظهر في العصر العباسي حيث كثر فيه الحنين لايام الشباب بعد أن كثرت لذائذ الحياة و بدت لعيون شعراء العصر شيئا يستحق أن يحياه
اسم الکتاب : شعر الكميت بن زيد الاسدي المؤلف : داود سلوم الجزء : 1 صفحة : 44