و تشمّر، ثمّ قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثمّ أخذ بيده عكّازا ثمّ خرج و نحن بين يديه و هو حاف شمّر سراويله إلى نصف الساق و عليه ثياب مشمّرة، فلمّا مشى و مشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء و كبّر أربع تكبيرات، فخيّل إلينا أنّ السماء و الحيطان تجاوبه و القوّاد و الناس على الباب قد تهيّئوا و لبسوا السلاح و تزيّنوا بأحسن الزينة، فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصورة و طلع الرّضا (عليه السلام) وقف على الباب وقفة ثمّ قال: اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام و الحمد للّه على ما أبلانا، نرفع بها أصواتنا، قال ياسر: فتزعزعت مرو بالبكاء و الضجيج و الصياح لمّا نظروا إلى أبي الحسن (عليه السلام) و سقط القوّاد عن دوابّهم و رموا بخفافهم لمّا رأوا أبا الحسن (عليه السلام) حافيا و كان يمشي و يقف في كلّ عشر خطوات و يكبّر ثلاث مرّات، قال ياسر:
فتخيّل إلينا أنّ السماء و الأرض و الجبال تجاوبه و صارت مرو ضجّة واحدة من البكاء و بلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرّئاستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرّضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس و الرأي أن تسأله أن يرجع، فبعث إليه المأمون فسأله الرّجوع فدعا أبو الحسن (عليه السلام) بخفّه فلبسه و ركب و رجع.
[الحديث الثامن]
8 عليّ بن إبراهيم، عن ياسر قال: لمّا خرج المأمون من خراسان يريد بغداد، و خرج الفضل ذو الرّئاستين و خرجنا مع أبي الحسن (عليه السلام) ورد على الفضل بن سهل ذي الرّئاستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل و نحن في بعض المنازل، أنّي نظرت في تحويل السنة في حساب النجوم فوجدت فيه أنّك تذوق في شهر كذا و
<قوله>: ثم أخذ بيده عكازا)
(1) العكاز عصاء ذات زج و هو حديدة في اسفل الرمح. و الجمع عكاكيز.
قوله: ثم قال اللّه أكبر- الخ)
(2) الروايات في عدد التكبيرات و بواقى الاذكار مختلفة و تفصيلها و تفصيل القول بوجوبها أو ندبها في كتب الفروع، قال: الشهيد الثانى، و الكل جائز و ذكر اللّه حسن على كل حال.
قوله: فتزعزعت)
(3) التزعزع التحرك و الزعزعة التحريك و الضجيج الفزع و الصياح.
قوله: فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين)
(4) كان الفضل وزير المأمون بالاستقلال و ترقى أمره حتى تصرف في الامارة أيضا، فلذلك سمى بذى الرئاستين رئاسة الوزارة