ابن عمّار قال: سمعت العبد الصالح ينعى إلى رجل نفسه، فقلت في نفسي: و إنّه ليعلم متى يموت الرّجل من شيعته؟ فالتفت إليّ شبه المغضب، فقال: يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا و البلايا و الامام أولى بعلم ذلك، ثمّ قال: يا إسحاق اصنع ما أنت صانع، فانّ عمرك قد فنى و إنّك تموت إلى سنتين و إخوتك و أهل بيتك لا يلبثون بعدك إلّا يسيرا حتّى تتفرّق كلمتهم و يخون بعضهم بعضا حتّى يشمت بهم عدوّهم، فكان هذا في نفسك فقلت: فانّي أستغفر اللّه بما عرض في صدري.
فلم يلبث إسحاق بعد هذا المجلس إلّا يسيرا حتّى مات، فما أتى عليهم إلّا قليل حتّى قام بنو عمّار بأموال النّاس فأفلسوا.
[الحديث الثامن]
8 عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجليّ، عن عليّ ابن جعفر قال: جاءني محمّد بن إسماعيل و قد اعتمرنا عمرة رجب و نحن يومئذ بمكّة، فقال: يا عمّ إنّي أريد بغداد و قد أحببت أن أودّع عمّي أبا الحسن- يعنى موسى بن جعفر (عليهما السلام)- و أحببت أن تذهب معي إليه، فخرجت معه نحو أخي و هو في داره التي بالحوبة و ذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب فأجابني أخي فقال: من هذا؟
فقلت: عليّ فقال: هو ذا أخرج- و كان بطيء الوضوء- فقلت: العجل قال: و أعجل، فخرج و عليه إزار ممشّق قد عقده في عنقه حتّى قعد تحت عتبة الباب، فقال عليّ بن جعفر فانكببت عليه فقبّلت رأسه و قلت: قد جئتك في أمر إن تره صوابا فاللّه وفّق له، و إن يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطي قال: و ما هو؟ قلت: هذا ابن أخيك يريد أن يودّعك و يخرج إلى بغداد، فقال لي: ادعه فدعوته و كان متنحّيا، فدنا منه فقبّل رأسه و قال: جعلت فداك أوصني فقال: أوصيك أن تتّقي اللّه في دمي، فقال
بعود و الترديد من الراوى.
قوله: قد كان رشيد الهجرى)
(1) ضبطه العلامة فى الخلاصة بضم الراء و قال: انه مشكور من اصحاب امير المؤمنين و الحسن و الحسين (عليهم السلام) و قال الشهيد الثانى فى حاشيته على الخلاصة قال ابن داود: رشد بغير ياء و جعل الياء قولا و استقرب الاول و كذا ذكره الشيخ فى الفهرست بغير ياء، و اما النجاشى فقد جعله بالياء كالعلامة، و نقل الفاضل الأسترآبادي فى رجاله عن الكشى انه كان قد ألقى إليه علم البلايا و المنايا، و كان أمير المؤمنين (ع) يسميه رشيد البلايا.