و في كتاب المصباح عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنّه قال له رجل: هل تشيّع الجنازة بنار و يمشي معها بمجمرة و قنديل أو غير ذلك ممّا يضاء به؟ فاستوى جالسا ثمّ قال: إنّه جاء شقيّ من الأشقياء إلى فاطمة بنت محمّد فقال: أما علمت أنّ عليّا قد خطب بنت أبي جهل؟
فقالت: حقا ما تقول؟
قال: حقّا ما أقول ثلاث مرّات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها، و ذلك أنّ اللّه تعالى كتب على النساء غيرة و كتب على الرجال جهاد، فاشتدّ غمّ فاطمة من ذلك و بقيت متفكّرة حتّى أمست فحملت الحسن على عاتقها الأيمن و الحسين على عاتقها الأيسر و أخذت بيد امّ كلثوم ثمّ تحوّلت إلى حجرة أبيها، فجاء عليّ فلم ير فاطمة فعظم ذلك عليه و لم يعلم القصّة ما هي فاستحى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد و جمع شيئا من الكثيب فاتّكى عليه، فلمّا رأى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) ما بفاطمة من الحزن دخل المسجد و دعى اللّه أن يذهب ما بفاطمة من الحزن و ذلك أنّه خرج من عندها و هي تتقلّب و تتنفّس الصعداء، فلمّا رآها النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لا يهنها اليوم قال لها: قومي يا بنيّة، و حمل النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) الحسن و حملت فاطمة الحسين و أخذت بيد امّ كلثوم فانتهى إلى عليّ و هو نائم فوضع رجله على رجله و قال: قم يا أبا تراب فكم ساكن أزعجته ادع لي أبا بكر و عمر و طلحة فاجتمعوا عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) فقال: يا علي أما علمت أنّ فاطمة بضعة منّي و أنا منها فمن آذاها فقد آذاني و من آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي.
فقال علي: بلى يا رسول اللّه قال: فما دعاك إلى ما صنعت؟
فقال: و الذي بعثك بالحقّ نبيّا ما كان منّي ممّا بلغها شيء و لا حدّثت بها نفسي، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): صدقت صدقت، ففرحت فاطمة (عليها السّلام) بذلك و تبسّمت حتّى يرى ثغرها فقال أحدهما لصاحبه: إنّه لعجب ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة فأخذ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) بيد علي و أدخله مع فاطمة و أولادها البيت و وضع عليهم قطيفة و خرج.
فلمّا مرضت فاطمة (عليها السّلام) أتاها أبو بكر و عمر عايدين و استأذنا عليها فأبت أن تأذن