اسم الکتاب : رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 258
رجلا يقول: اللّهم اغفر لي و أنا أعلم أنّك لا تغفر؟ فقلت: يا هذا أنت في حرم اللّه، فلم تيأس من المغفرة؟
فقال: يا هذا ذنبي أعظم من الجبال الرواسي، فخرج بي من الحرم ثمّ حدّثني و قال: أنا كنت في عسكر عمر بن سعد حين قتل الحسين و كنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد، فنزلنا في طريق الشام على دير النصارى و الرأس مركوز على رمح فوضعنا الطعام لنأكل فإذا كفّ في حائط الدير يكتب شعر:
أترجو أمّة قتلت حسينا* * * شفاعة جدّه يوم الحساب
فأهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذها فغابت ثمّ عدنا إلى الطعام، فإذا الكفّ قد عادت تكتب:
فلا و اللّه ليس لهم شفيع* * * و هم يوم القيامة في العذاب
فقام أصحابنا إليها فغابت ثمّ عادوا إلى الطعام فعادت تكتب:
و قد قتلوا الحسين بحكم جور* * * و خالف حكمهم حكم الكتاب
فأشرف علينا راهب من الدّير فرأى نورا ساطعا من الرأس فقال لنا: من أين جئتم؟
قلنا: حاربنا الحسين بن فاطمة و هذا رأسه.
قال: هلاكا لكم و اللّه، لو كان لعيسى ابن مريم ابن حملناه على أحداقنا، ولكن قولوا لرئيسكم: عندي عشرة آلاف درهم يأخذها و يعطيني الرأس إلى وقت الرحيل ثمّ أردّه فأخبروا عمر بن سعد فقال: خذوا منه المال فدفع إليهم جرابين فانتقدها ابن سعد و سلّمها إلى خازنه، فأخذ الراهب الرأس فغسله و حشّاه بمسك و كافور و جعله في حريرة و وضعه في حجره و لم يزل ينوح و يبكي حتّى طلبوا منه الرأس فقال: يا رأس الحسين لا أملك إلّا نفسي، فإذا كان غدا فاشهد لي عند جدّك محمّد إنّي أشهد أنّ لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله أسلمت على يديك، فأعطاهم الرأس و لحق بالجبال يعبد اللّه.
فلمّا دنى ابن سعد من الشام قال لأصحابه: اطلبوا الجرابين فأحضرت فنظر إلى خاتمه و فتحها فإذا الدنانير تحوّلت خزفا فنظر في سكّتها، فإذا على جانب مكتوب: وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ و على الجانب الآخر مكتوب: سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ
اسم الکتاب : رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 258