و أما لو كانت مدخول بها من ذوات الإقرار: فقد تعلم من حال زوجها أنّه لا يرجع إليها، أو أنّه جاهل بجواز الرجوع، و لا يعلم بذلك حتى تنقضي العدّة، فيحصل مطلبها أيضا.
و أمّا لو كان الزوج عالما بالمسألة: فإن أرادت الزوجة البينونة، فلا تتمّ بمجرّد الطلاق؛ إذ له الرجوع في العدّة، و ليس للمرأة الرجوع إلى البذل؛ لأنّه فعل العمل و هو الطلاق، إلّا أن يعلم أنّ مرادها الإبانة و عدم الرجوع، و بذلت الجعالة لأجل ذلك، فحينئذ، يجوز للمرأة الرجوع إلى البذل؛ لعدم تمام العمل.
نعم، لو عقدت الجعالة على الطلاق و على إسقاط حقّ الرجوع و فعلهما، فلا يجوز له الرجوع، و تحصل البينونة فقد يحصل و قد لا يحصل.
و أمّا ما قد يناقش في صحّة الجعالة فيما نحن فيه من جهة عدم شمول أدلّتها لذلك، و من جهة أنّ وضع الجعالة على الأفعال التي يفعلها الإنسان و يقوم بها عن غيره، و لذلك لا تقع في سائر العقود و الإيقاعات إلّا إذا صدرت من الوكيل فيما تصحّ فيه الوكالة: ففيه أنّه لو لم يكن هناك دليل إلّا عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[1] و نحوه لكفى؛ إذ تلك العمومات كما تفيد وجوب الوفاء بها، تفيد صحّتها، غاية الأمر عدم لزوم الجعالة و وجوب الوفاء بها بدليل خارجي، فما الذي رفع جوازها؟
و هذا ليس من باب نسخ الوجوب المستلزم لرفع الجواز كما لا يخفى على المتدبّر، و إلّا فالظاهر أنّ كلماتهم متطابقة في جوازه على كلّ أمر محلّل لم يكن واجبا على المكلّف.
و أمّا ما ذكر في حصر موضوع الجعالة في الأفعال الّتي يقوم بها الإنسان عن غيره: ففيه منع ظاهر؛ إذ موضوعها الأفعال التي يقوم بها لغيره، لا عن غيره، بل استثناء الواجب أيضا إنّما يسلّم في الواجبات العينيّة، بل التوقيفيّة منها، و لذلك