و عن الراغب في المفردات: «الهبة أن تجعل ملكا لغيرك بغير عوض» [1].
و في الفارسية معناه: بخشش و بخشيدن.
و المتبادر من هذه الكلمات هو التمليك بلا عوض، لا بلا لزوم العوض كما ذكر الجماعة.
و من الغرائب ما وقع من بعض الشافعية [2]، حيث ذهب إلى أنّ الهبة في المشروطة بالعوض مجرّد تسميته، و ليس المراد معناه، كما اختار ذلك في صلح الحطيطة و غيرها، فيما لا عوض فيه، أو جعل فيه العوض بعض مال المصالح، كما لو صالح دعواه الألف مع اعتراف المدّعى عليه بالخمسمائة منه، و كما لو صالح أحد العبد من المدّعي بهما مع اعتراف المدّعى عليه بأحدهما، فإنّه لا يصحّ عنده الصلح بلا عوض و لا بعوض هو من عين مال المصالح.
و أما ما نحن فيه فيصحّح الصلح؛ لأنّا لا نقول بكونه معاوضة مطلقا، بل هو معاوضة إذا اشتمل على العوض و الظاهر عدم الخلاف فيه بيننا، كما يظهر من التذكرة [3]، فأصل الصلح إنّما هو الرضا و الاتّفاق، و إنّما يصير معاوضة لو وقع الاتّفاق على عوض، فهو مثل قولنا ملكتك، فإنّه إذا اعتبر فيه العوض و قيل بكذا، يصير بيعا، و إن عرى منه يصير هبة.
إذا عرفت هذا علمت أنّ المناسب في الهبة المشروطة بالعوض أن لا تؤدّى بكلمة الباء العوضية الداخلة على العوض، فلا يقال: «و هبتك هذا بهذا»؛ إذ هو المناسب للبيع فإن قلنا بجواز مثل هذا اللفظ إذا قصد البيع، فيصير بيعا لا هبة، بل المناسب أن تؤدّى بكلمة «على» فيقول: و هبتك هذا على أن تهبني ذلك، أو تفعل لي